منذ حصلت الجماعات الإسلامية على أغلبية ملحوظة فى انتخابات مجلس الشعب أعلن بعض قادتها «أنهم استلموا البلد.. ومن لا يعجبه فليبحث عن مكان آخر خارج مصر»، وكأن مصر أصبحت وطن المسلمين ولا مكان لغيرهم فيها إلا باعتبارهم أهل ذمة!!.. وانهمرت تصريحات الإسلاميين لتؤكد هذا المنحى بعبارات مختلفة بلغت آفاقا لم يكن يتصور أحد أن تطالها مثل إلغاء السياحة وتطبيق الحدود.. إلخ، وهو أمر دفع غالبية المثقفين لنزول ساحة التراشق بالكلمة دفاعا عن الحضارة والإنسانية، خاصة أن غير المسلمين أخذوا يتحصنون أكثر وأكثر فى ذاتهم الدينية لدرجة المطالبة بالحماية الأجنبية.
ولما زادت حدة التراشق بالكلمات المدببة بين الإسلاميين وغير الإسلامين أنصار الدولة المدنية-العلمانية، أصدر المرشد العام للإخوان المسلمين بيانا يحذر من «تمزيق الصف الواحد إلى شباب وشيوخ ورجال ونساء ومسلمين ومسيحيين ومذاهب وفرق.. إلخ» (الأهرام 30 ديسمبر الماضى)، وكان عليه أن يحدد الفئة التى تريد تمزيق الأمة.
أما الذين يمزقون الأمة فإنهم أصحاب الخطاب الإسلامى الذين لا يعبأون إلا بأنفسهم ولا يرون فى الوطن غير المسلمين، والذين يعتقدون أن الدين هو الوطن، وينحازون ضد المرأة، ولا يرون فيها إلا وسيلة لحفظ النوع، وأن رسالتها تتلخص فى رعاية الزوج والأولاد.
ودور الإسلاميين فى تمزيق صفوف الأمة على أساس الدين ليس جديدًا.. فعندما كان المصريون يقولون «الدين لله والوطن للجميع»، اقترح الشيخ محمد بخيت مفتى الديار المصرية، وكان عضوا بلجنة وضع دستور 1923 وضع نص يقول «إن الإسلام دين الدولة» فلم يستطع أحد رده، ولكن اللجنة جعلت هذا النص فى آخر الدستور (المادة 149 من أصل 170 مادة). وقدمت عليه النص الذى يقول: المصريون لدى القانون سواء.. لا تميز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين».. (المادة 3). وآنذاك علقت صحيفة «الوطن» على اقتراح المفتى، قائلة: «إن هذا النص عامل من عوامل التفريق كنا فى غنى عنه لأنه إذا كانت أغلبية البلاد من المسلمين، ففيها عدد وافر من غير المسلمين..». وعندما كان الاشتراكيون فى مصر ينادون بالعدالة الاجتماعية خلال ثورة 1919 أصدر الشيخ محمد بخيت فتوى ضد الشيوعية فى 18 أغسطس 1919، قائلا: «إنها تهدم الشرائع السماوية، وعلى الأخص الشريعة الإسلامية».
وعندما استوت جماعة الإخوان المسلمين طالبت جميع المسلمين بالحرص على عدم التعامل مع غير المسلمين: «احرص على القرش فلا يقع فى يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال.. ولا تأكل ولا تلبس إلا من صنع وطنك الإسلامى»، والتأكيد باستمرار على أن دستور الجماعة هو: «الإسلام أو الجزية، أو السيف». وفى مطلع عام 1948 مع تعبئة الجهود ضد الصهيوينة فى فلسطين طافت مظاهرات الإخوان المسلمين فى الشوارع تقول: «اليوم يوم الصهيونية، وغدا يوم النصرانية».
وعندما صدرت وثيقة الأزهر الشهيرة (19 يونيو 2011) اشترطت لتأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة «أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع»، وأخيرا أتت دار الإفتاء والأقباط يستعدون لأعياد الميلاد، لتؤكد «جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم شريطة ألا تكون بألفاظ تتعارض مع العقيدة الإسلامية» (الأهرام 27 ديسمبر الماضى). ترى هل نحتاج إلى فتوى تجيز قبول تهنئة المسيحيين للمسلمين فى أعيادهم؟! وبعد كل هذا، وذاك يأتى المرشد العام للإخوان ليحذر من تمزيق صف الأمة بين مسلمين ومسيحيين.. بالله عليكم من الذى يمزق صف الأمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
ربنا معهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمان
ممكن تجاوب على السؤال ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
حضرة جنابك من يمزق الأمة بالاصطياد بالماء العكر
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
اي امة تقصد
عدد الردود 0
بواسطة:
khaled
أنتم سيدي الفاضل من تمزقون وحدة الصف
عدد الردود 0
بواسطة:
weqa
احسنت يا دكتور عاصم
اوجزت فانجزت واحسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
sultan
انت وامثالك هم من يمزقون الصف
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الي من يتشدقون بالاغلبيه......نقول
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
شرع الموتي ام شرع الله الذي اعطانا العقل والمنطق