استقبلت عبر التليفون مكالمة من شيخ سلفى أعرفه جيدا، وأشهد بأمانته واستقامة أخلاقه فى عمله بمجال المقاولات، ولن أذكر اسمه لأنه لم يأذن لى بذلك، وطلب منى الكف عن الهجوم على السلفيين قائلا: «بالراحة عليهم شوية الله يخليك لأن تجربتهم جديدة فى العمل السياسى»، وأضاف: «هم ليسوا مثل الإخوان المسلمين الذين تمرسوا فى العمل السياسى طوال عشرات السنين، ولو مارسوا السياسة من زمن لاختلف وضعهم الآن».
حكى «الشيخ» لى جانبا من تجربته الشخصية فى المعتقل وما تخللها من تعذيب جسدى ونفسى بالغ، لكن أهم ما فيها وأخطره، حسب قوله، أنه وأمثاله وتحت ضغط التعذيب وصغر السن وعدم التجربة والتمرس، كانوا يدخلون الزنازين فيجدون أنفسهم أمام شيوخ أكبر فى السن وأعمق فى التجربة، ثم يخرجون منها حاملين أفكار هؤلاء الشيوخ الكبار وآراءهم، وهو ما يفسر الاختلافات داخل البيت السلفى، ويستخلص الشيخ من تجربته التى هى تجربة آخرين غيره، أن أمن الدولة الذى كان نظام مبارك يعتمد عليه هو المسؤول عن كل ما يراه الآخرون قصورا وعيوبا عند السلفيين.
أوضحت لـ«الشيخ السلفى» أنه سبق لى الإشادة بآراء قالها الدكتور عماد عبدالغفور، رئيس حزب النور، ونادر بكار، المتحدث الرسمى باسم الحزب، لكن المشكلة تأتى فى أن هناك العديد من رموز التيار السلفى قد يحملون الحزب آراء غريبة تدفع بعد ذلك قادته إلى الإعلان عن أنها لا تمثلهم.
كانت هذه النقطة بالتحديد مسار حوارات متعددة أخرى لى مع أعضاء من الحزب أثناء مشاركتى فى الانتخابات فى قريتى بدائرة شمال القليوبية يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين، ومع ما يحملون من نوايا طيبة وأخلاق حميدة كانوا يركزون جميعا على قول واحد، وهو: «فلتجربونا مستقبلا ثم احكموا علينا».
نحن الآن على مشارف مستقبل فيه كتلة برلمانية كبيرة لحزب النور ومن تحالف معه من أحزاب مثل «الأصالة»، وأخرى تحمل أفكار الجماعة الإسلامية، ولن يندم الذين منحوهم أصواتهم، إذا وجدوا أنهم يقدمون ما يعين المصريين على الخروج من أزماتهم الاقتصادية، ويؤكد على وحدتهم الوطنية، وعدم جر المصريين لمعارك ثانوية، والدخول إلى المستقبل بوعى أنه لا يوجد بلد فى العالم يحقق تقدما لو قامت أغلبيته بإقصاء أقليته، فالديمقراطية الصحيحة تتسع للجميع، شرط احترام قواعدها.