خالد أبو بكر

رئيس المخابرات وسائق الإسعاف والنائب العام

الإثنين، 09 يناير 2012 09:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تفتكروا إيه الفرق بين رئيس جهاز المخابرات فى أى دولة وبين سائق الإسعاف؟ الحقيقة فى القانون الاثنين واحد من حيث صفة أنهما موظفان عموميان، الأول يحافظ على سلامة الأراضى المصرية من أن تنتهك سيادتها والحفاظ على مقدراتها والعمل على جمع المعلومات السرية لوأد المؤامرات التى تحيط بالبلاد.

وعشان كده تلاقى عنده مميزات ليس الغرض منها تمييزه عن أبناء وطنه، ولكن القانون كفل له بعض الامتيازات التى هى عنصر أساسى فى تسهيل مهمة عمله، وقد يعتقد البعض أنه يحصل على أموال كثيرة من الدولة وأنه يمكنه السفر والترحال بحجة جمع المعلومات، دائماً حياته فيها قيود وتعب وحرمان من الاستقرار مع الأسرة فى كثير من الأوقات. 
أما الثانى سائق الإسعاف، فمهنته فى قمة الخطورة، ونحن جميعا قد لا تهمنا أموالنا، ولا وظائفنا قدر ما يهمنا الحفاظ على أرواحنا وأجسادنا، وإذا لا قدر الله، أى من أبنائنا أصابه مكروه واحتاج نقله سريعا إلى مستشفى فإن سائق الإسعاف فى هذه اللحظة سيكون أهم من رئيس الجمهورية بالنسبة لنا فى هذه الحالة. 

طيب تفتكروا مين فيهم الأهم للمواطن؟ فى دول العالم الأول لا يمكن أن تميز مهنة على أخرى فجميع المهن مهمة للمجتمع، حاولوا مرة أن يصنفوا المهن وفقا لأهمية احتياج المجتمع لها فبدأوا، بالطبيب ووضعوه فى المرتبة الأولى من حيث الأهمية، حيث إنه الشخص المنوط به صحة الإنسان التى هى أهم شىء لديه، فحدث نقاش عن أن كيف سيصبح الطبيب طبيبا إلا فى معاهد العلم وبالتالى يأتى المعلم قبل الطبيب، فتحول النقاش إلى أنه من دون قانون يقيم معاهد العلم وينظم عمل الأطباء فى المجتمع، لن يستطيع الطبيب أو المعلم القيام بعمله، والحقيقة وجدوا أنهم مش هيخلصوا نقاش لأن كل مهنة تحتاج إلى غيرها من المهن كى تكملها، والمجتمع يحتاج إلى الجميع، ولا يمكن أن يقوم المجتمع على مهنة دون أخرى، فمثلا فى بلاد مثل فرنسا عندما يقوم جامعو القمامة بعمل إضراب يختارون صباح الأحد وهو اليوم الذى يتميز فى المجتمع الفرنسى بأنه يوم العائلة تسبقه ليلة نهاية الأسبوع وهى دائماً ما يكون السهر والأكل هما السمة المميزة لها، وهنا يحاول جامعو القمامة استغلال الموقف، وتجد صباح الأحد وقد امتلأت شوارع باريس الجميلة بمخلفات البيوت والمطاعم، وتبقى طوال يوم الأحد دون أن يستطيع أحد التخلص منها وهنا يشعر المواطن الفرنسى بأهمية جامعى القمامة الذين من دونهم ستنتشر الأمراض وتعج الشوارع بكل مخلفات المجتمع، لكن الجميل إنك تصحى يوم الاثنين صباحا تلاقى البلد زى الفل لأن الإضراب لا يجب أن يزيد على ٢٤ ساعة.

يبقى يا أخونا مافيش ميزة أو تمييز لوظيفة عن أخرى فقط مجرد معطيات لكل مهنة كى تتمكن من أداء عملها. 

لكن فى الدول التى تحترم القانون لو غلط رئيس المخابرات أو لو غلط سائق الإسعاف فالاثنان يقفان أمام قاض واحد يحاكمهما دون تفرقة. 

وحكاية المخابرات والأجهزة الأمنية فى البلاد العربية باختصار عبارة عن الناس اللى ما ينفعش تعمل معاهم مشاكل حرصا على نفسك، طيب ما تيجوا نجرب نعمل زى الدول اللى بيطبق فيها القانون على الجميع، لا سيما بعد الثورة المصرية التى كان من أهدافها العدالة الحقيقية، التجربة تكمن فى أن ممثل النيابة فى قضية مبارك قال للمحكمة إن جهاز الأمن القومى التابع للمخابرات لم يتعاون مع النيابة لإمدادها بالمعلومات أثناء ثورة ٢٥ يناير، والكارثة أن ممثل النيابة العامة، قال عن تقصير متعمد وفقا لرأيه الشخصى، وبعدها بدأ جهاز المخابرات فى شن حملة على وسائل الإعلام لإقناع الناس بأنه ليس بيده شىء كى يقدمه للشعب فى قضية قتل أبنائه، لكن هما تناسوا أو تجاهلوا شيئا مهما، إن كلام النيابة معناه تحقيق وإحالة إلى القضاء، وفى نفس الوقت يعرف المواطن العادى ماذا جرى. 

طيب ممكن واحد يقول لك طيب النيابة لما قالت إنه تقصير من وجهة نظر المحقق، طيب ليه لم تقرر النيابة فتح تحقيق فورى فى إحساسها بتقصير المخابرات فى مهمة ما؟ الحقيقة أنا ماعرفش، أحيانا تلاقى مواضيع للنائب العام بتاعنا ده وأمور تحتاج إلى كتالوج عشان تتفهم، يعنى مثلا يقول لك فى تقصير تم من سنة فى جمع المعلومات عن قضية قتل أبنائنا ولم يفتح تحقيق، وتلاقيه أحال واحد زى يوسف والى للمحاكمة فى تحقيقات تمت من سبع سنوات، واحد زى يوسف والى اللى بيتحاكم بعد عشر سنين من خروجه من الوظيفة.. حاجات تخلى الواحد مخه يقف من التفكير. 

طيب بما إن احنا قررنا نغير، خلونا نتفق على الآتى، ما فيش حد ولا جهة ولا مؤسسة فى مصر أهم من الأخرى، فكل هيئات ومؤسسات ومواطنى مصر، سواسية واللى يغلط لازم النائب العام يحقق معاه، ولو ثبت أنه مقصر يحاكم، لأن احنا قررنا أن يبقى قفص الاتهام الخاص بمبارك مفتوحا ولا يغلق أبدا حتى يكون عبرة للجميع واللى شايف نفسه كان أقوى من مبارك فى منصبه وجبروته يبقى غلطان، لأن مكانش فى البلد حد أهم من رئيسها المتمكن من الكبت على نفسها.

إذاً أنا وأنت، لسنا فى حاجة إلى تصريحات صحفية، ولكن نحتاج إلى فتح تحقيق فورى فى أقوال المحامى العام الأول لنيابات القاهرة التى ذكرها أمام المحكمة التى تنظر قضايا قتل المتظاهرين من تقصير هيئة الأمن القومى التابعة للمخابرات فى إمداد النيابة العامة بالمعلومات الخاصة بأحداث ٢٥ يناير التى مات فيها العديد من أبنائنا. 

ولما النيابة تشوف شغلها صح ومش متأخر، ساعتها ممكن نقول يبقى النائب العام فى مكانه، لكن إذا كان بعد كل السنين دى لسه الأمور ماشيه بنفس الطريقة يبقى النائب العام لازم يمشى لأن احنا مش هانمشى، المشكلة الأكبر إنها لازم تيجى منه.

طيب - تفتكروا ازاى نقول له بالأدب كده امشى، قصدى، ارحل، قصدى تستقيل، قصدى كفاية، تفتكروا ازاى نقول له؟. 

ولنا سطور أخرى الأسبوع المقبل أن كان فى العمر بقية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة