على مدى أيام الأسبوع الماضى حدثنى مزارعون يتعاملون مع بنك الائتمان الزراعى عن القرار الذى اتخذه الرئيس محمد مرسى بعد فترة قليلة من فوزه بانتخابات رئاسة الجمهورية، والخاص بإسقاط ديون نحو 44 ألف مزارع، الحديث تركز على أنهم ذهبوا إلى فروع البنك فى المحافظات، لكنهم لم يجدوا أى شىء يفيدهم عن قرار الرئيس، وحسب تأكيدهم فإنهم من أصحاب المديونيات الصغيرة، وتعثروا فى السداد، مما أضاف عليهم فوائد متراكمة رفعت قيمة الدين الذى كان فى الأصل قرضا صغيرا، وبسؤالهم للعاملين فى البنك، لم يعثروا على أى إجابة مفيدة بالرغم من أن قرار الرئيس مضى عليه فترة ليست قصيرة.
تصورت أن يكون هناك مبالغة من الشاكين، لكن وزير الزراعة الدكتور صلاح عبدالمؤمن قال فى تصريحات له أمس الأول: «لم يصل الوزارة أى قرار كتابى بشأن إعفاء المزارعين من الديون المتراكمة عليهم حتى يتم تنفيذه، وبالتالى لم نرسل أى تعليمات لبنوك التنمية خاصة بذلك»، وأضاف الوزير: «سيتم إعفاء نحو 44 ألف مزارع فى حال تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الخاص بالإعفاء، وإسقاط 30 مليون جنيه عن المزارعين المتعثرين».
طبقاً لتصريحات وزير الزراعة فإن قرار الرئيس مازال حبراً على ورق، فيما يعنى أنه: إما أن القرار اتخذ بعيداً عن وزارة الزراعة التى يتبعها البنك، وبالتالى لم يكن هناك بيانات كافية حول الموضوع ولم يكن هناك استعداد لتنفيذه، وإما أن شيئاً ما يعطل القرار، مما يضع الرئيس فى وضع حرج أمام الرأى العام.
بالطبع لا يمكن أن يكون قرار الرئيس للاستهلاك المحلى، غير أننا أمام مشكلة حقيقية ووضع غامض يحرق أعصاب هؤلاء المزارعين الصغار، ويذكرنا بقرارات مماثلة أثناء حكم مبارك، فقبل ثورة 25 يناير بنحو عامين عقد الحزب الوطنى مؤتمره العام وجعل موضوعه الرئيسى عن الفلاح وقضية الزراعة، وفى خطوة لتمرير التوريث «شعبياً»، تحدث جمال مبارك عن إسقاط الديون عن المزارعين المتعثرين، وتم اتخاذ قرار بذلك لم يستفد منه صغار المتعاملين مع البنك.
الكلام عن البنك الزراعى ووظيفته الحقيقية للفلاح الصغير يحتاج إلى إعادة نظر، بعد أن خرج عن رسالته الأصلية كسند وعون للفلاح إلى دائن يلف عنق الفلاح بحبل المشنقة، ولأن كل المؤشرات تؤكد على بقائه كذلك، فعلى الأقل يجب تفعيل قرار الرئيس فى وجهته الصحيحة.