فى يوم 28 سبتمبر الماضى، حلت الذكرى الـ42 لوفاة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وبينما واصل البعض غله وحقده على الراحل العظيم، تلقيت رسالة طويلة مفعمة بالشجن والأمل وتبشر بكاتبة ماهرة، بعنوان: «ناصر هذا ما جرى» كتبتها الناشطة الحقوقية والنسوية والباحثة بالأكاديمية البحرية آية جمال الغنيمى، والمثير فيها أنها تتحدث عن عبد الناصر، رغم أنها ولدت بعد رحيله بنحو 20 عاما، ولطول الرسالة التى كتبتها بعد التوافد على ضريحه يوم 28 سبتمبر الماضى سأعرض مقتطفات منها:
«المكان يحوطه هيبة ووقار، ويسكن أرجاءه طمأنينة وبهاء، ويعم جنباته سكينة ودعة، ويعلوه جلالا ورهبة وفيض نورانى من قبل السماء، جموع المحبين المحتشدين القادمين من كل صوب وحدب، يظللهم سكون مهيب، لا يقطعه إلا همهمات بسورة الفاتحة، وتلاوة بعض من آيات الذكر الحكيم، أو زفرات مكتومة يتبعها همس بدعاء ورجاء، أو صوت متحشرج يبوح لصاحب الضريح بشكواه.. ناصر، هل رأيت ترقرق الدموع فى عيون من حضر المشهد المهيب؟، وهل أخبروك بما جرى ويجرى لمصر؟، مصر التى تركتها ناهضة وقادرة ورائدة وقائدة، لم تعد كما تركتها.. مصر الاستقلال الوطنى وعدم الانجياز وانتماؤها العربى والإسلامى والأفريقى لم تعد كما كانت، مصر العدالة الاجتماعية والإصلاح الزراعى ومجانية التعليم والقطاع العام وفرص العمل.. مصر الخبز والحرية لم تعد كما تحب».
«هل أخبروك أنه بعد أكثر من أربعين عاما من هذا الذل والهوان والقهر والفساد ورحيلك عنا، قام المصريون بثورة نبيلة رافعين صورك فى كل ميادين مصر؟، وهل أخبروك أن من حذرت منهم اجتمعوا بليل، ودبروا تدبيرهم وأعدوا عدتهم ومكروا مكرهم، لينقضوا على هذه الثورة النبيلة، هل أخبروك بما فعل الإقطاع الجديد بالفلاحين بعد رحيلك؟، استولوا على أراضيهم.. وكله بالقانون يا ناصر.. وسجنوا حمدين والذين معه، حين هبوا للدفاع عنهم.. لم نعد نزرع القطن يا ناصر.. فقدنا ميزته النسبية فيه، واستقدم الأثرياء الجدد لمزارعهم خبراء من إسرائيل لزراعة الفراولة والكنتالوب.
«هل أخبروك بما فعلوا بالقطاع العام، نهبوه وباعوا ما تبقى للسماسرة بأبخث الأثمان، وما تبقى توقفت ماكيناته أو كادت، ووقفت مبانيه شامخة تنعى من بناها؟، ورغم هذا النهب المتعمد، اختار خمسة ملايين حمدين صباحى ومشروعه الذى استلهمه من مشروعك.. ناصر هل أخبروك أن مصر تحتاجك؟».