مازالت خيارات الرئيس مرسى فى الحكم ملتبسة بمشروع الجماعة، وعلى الرئيس أن يحدد بدقة وبحسم هل يستطيع إدخال الجماعة فى مشروع وطنى غائب، أم العبث بمحاولة إدخال الوطن فى مشروع الجماعة الذى يحتاج لنقاش وتجربة ليست الأوطان ساحتها المناسبة.
هناك العديد من الإشارات الدالة فى خطاب الرئيس فى ذكرى حرب أكتوبر، والأرقام التى أعدها جهاز مبارك الحكومى ونسب الإنجاز التى تراوحت بين 85 % و60 % فى القضايا الخمسة والتى اتضح أن الرئيس استقاها من استطلاعات رأى على عينة من المواطنين أجريت بمعرفة مركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء هذا المركز الذى تحدث فى السابق عن حكومة أحمد نظيف باعتبارها محل رضا المواطنين، وأن أهم حدث فى حياة المصريين هو ولادة فريدة جمال مبارك.
معنى أن يتحدث الرئيس بهذه الثقة عن إنجازات حكومته، ويتبنى تلك الأرقام، أن الرئيس تم استلابه لحساب البيروقراطية المصرية التى راهن البعض على أن الإخوان سيغرقون فيها.
وبين الخوف من الفشل، والجهل بدولاب الدولة لدى الإخوان والرئيس، يقبع الفاسدون فى أجهزة الدولة يزينون الباطل ويفبركون الأرقام التى تدل على إنجازات وهمية.
كانت نفس التقارير فى العهد السابق تتحدث عن نسب النمو المرتفعة، وعن حجم السلع المعمرة فى بيوت المصريين وكم منهم يقتنى ثلاجة، إلى غيرها من مؤشرات الدجل السياسى الذى اعتاده النظام السابق سبيلا لخداع المصريين، وأخشى أن يتورط النظام الجديد بفعل طبيعته الإصلاحية لا الثورية فى مستنقعاته.
إن عبء بناء مصر وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس صحيحة، لن يتأتى بهذا الأداء البيروقراطى الهادئ، أو الاستسلام لأوهام ما يسمى بمشروع النهضة.
على الرئيس مرسى أن يصارح نفسه والشعب بأنه ليست لديه خطة أو مشروع قومى للنهوض بالبلد، الناس اختارته ثقة فى طهارة يده ووطنيته، وخوفا من بديل مرعب يعيد إنتاج النظام القديم هو الفريق شفيق.
مصر تزخر بالكفاءات الوطنية من غير الإخوان، وأنا هنا لا أدعو لاستبعاد الإخوان، فهم فصيل وطنى اتفقنا أو اختلفنا معهم، ولكن ما أدعو إليه أن تكون هناك معايير فى اختيار الجهاز الإدارى فى الدولة ومكونات النظام السياسى الجديد، تعتمد الكفاءة والقدرة على الإنجاز وامتلاك الرؤية، وليس الولاء الشخصى أو الحزبى الضيق.
كلنا يعرف أنه لا يوجد حزب اسمه الحرية والعدالة بالمعنى الدقيق للكلمة، بل نحن أمام واجهة سياسية لجماعة سرية، لا يجادل أحد فى أنها عانت كثيرا فى سبيل مشروعها، ولكن المصريون أيضا عانوا طويلا، ومن حقهم أن يحلموا بنظام جديد يحقق لهم الحرية والعدل والتنمية.
أتمنى على الرئيس أن يملك الشجاعة الكافية، وأظنه يملك، لمصارحة الناس بأنه لم يحدد أولوياته بشكل صحيح، والسقف الإنجاز الزمنى المناسب لها، ويدعو على الفور إلى مؤتمر قومى يضم خبرات وطنية فى الداخل، وخبرات مصرية من أهم عشرة دول نجحت فى النهضة فى الخارج، لمؤتمر يستمر لمدى زمنى مناسب، يحدد أولويات نهضة مصر وملامح مشروعها الوطنى الجامع الذى يفترض أن يتسع لمشاركة كل أطياف العمل السياسى فى مصر.
أما التعامل مع المشروع الوطنى والشراكة الوطنية بهذه الخفة وإطلاق بعض الفعاليات الشكلية إبراء للذمة ورفعا للعتب فلن تؤدى بنا لشىء، ولا أعتقد أن الشعب سيصبر طويلا على العبث بمصائره من أى شخص أو فصيل أو جماعة.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمودحمدي
حلم المشروع الوطني الذي تأخر كثيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر
أن تكون جزءا من الحل خير من أن تمون كلا في المشكلة
تحليل رائع و عادل و دقيق. ....
عدد الردود 0
بواسطة:
د طلعت
الله الله