هل تتذكرون فيلم الغريب الذى ظل أقاربه وأهله وأصدقاؤه يبحثون عنه طوال الفيلم؟ لقد أصبحنا جميعا ممثلين كومبارس فى الفيلم، فلم يحصل أحد منا على دور البطولة، فجميعا ظللنا نبحث عن الغريب بيننا الذى حرض شعب على بعضه فسقط بينهم الشهداء فى ثورته، الشهيد أتتذكرونه شهيد الثورة الذى ضحى بحياته من أجلنا لكى نقضى على نظام فاسد، ولكننا نسينا أن نبحث عمن غربة، أقصد من أفسد الحياة بعد الثورة، وتلاعب فى الأدلة والبراهين حتى تأتى الأمور لصالحه، من قام بتضليلنا جميعا وأخذ يعبث بمصائرنا وحقوق شهدائنا، وأضاع فرحتنا من القصاص العادل، حتى أوصلنا إلى ما كنا فيه انتظار العدالة الإلهية، فمن أفسد الحياة والعدالة من قبلها، ادعينا معرفته ولنرجع بالذاكرة للوراء ولنعرف من أفسدها بعد الثورة وأخذ الوقت والسلطة لإفساد كل شىء ليضيع علينا فرصة أن ننعم بثورتنا المباركة، فليس العيب فيها، ولكن العيب فينا.
لقد انشغل الجميع بحثا عن الكراسى والمناصب وتناسوا ما قامت عليه الثورة من حرية وعدالة اجتماعية وتناسوا كعادة الإنسان أن الكراسى إلى زوال وتناسوا حتى ما آل إليه مصير من سبقوهم.
أين الإصلاح وأين ما قلنا عليه بعد الثورة إن النظام السابق أفسد كل شىء؟ ولكننا ماذا فعلنا لنصلح ما أفسده؟ لا شىء غير الصراعات، واللجان الكثيرة التى ظلت تبحث عن الغريب فى فيلمه ليدلنا عمن تسبب فى سقوط ضحايا ماسبيرو وقصر العينى ووزارة الداخلية، ماعدا ذلك فإننا نسير بالطريق الأسوأ مما قبل، وهو الأمر الذى لم نكن نتمناه. فالمعاناة أصابت فقراء الوطن ولم تصب غيرهم، فزادتهم معاناتهم وفقرا على فقرهم.
ولعله من المفيد أن أذكركم بكلام مستشار محكمة المنصورة الذى كان يحاكم أمامه مدير أمن الدقهلية وثلاثة من مساعديه بتهمة قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير.. المستشار قبل أن ينطق حكما بالبراءة للمتهمين قال بنبرة حزينة: (أنه يُعزّى أهالى الشهداء.. وأعزى نفسى على موت ابنى الذى استشهد فى أحداث الثورة.. ولكنى أحكم بما أمامى من أوراق وأدلة.. وليس بما لدى من قناعات ورغبة إنسانية فى الثأر من قتلة ابنى(.
أرجوكم لا تستسلموا ولا تلقوا بآذانكم وعقولكم للفشلة الذين يبحثون عن كبش فداء ليحملوه نتيجة أخطائهم وعجزهم عن القدرة بتحمل المسئولية .. والراغبين فى هدم هذا الركن الهام من أركان الدولة التى مازالت واقفة حتى الآن ولم تنهار..
نعم هناك فساد.. وهناك مشاكل لا حصر لها تعانى منها العدالة فى بلدنا.. إذن فالمنطقى أن نحاسب من فى يده هذا الملف الآن.. من حقنا أن نتساءل ما هى صلاحيات نائب رئيس الجمهورية فى هذا الملف وهو رجل قضاء يشهد الجميع بنزاهته ولماذا تسير وتيرة الإصلاح فيه ببطء شديد؟!..من حقنا أن نسأل ما هى خطتهم لتطوير وتطهير القوانين السيئة السمعة؟!..وهل صحيح أن التطهير خالص لوجه الله أم أن هناك تصفية حسابات شخصية؟!..هذه الأسئلة وغيرها هى ما يجب أن نشغل أنفسنا بها بشكل عقلانى وليس أن نبحث عن كبش فداء ونريح دماغنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي صالح
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد العبادي
لب المشكلة