الحكم ببراءة كل المتهمين فى موقعة الجمل حمل رسائل متنوعة وبالغة الأهمية للرئيس وجماعته وللثوار وللقوى المدنية، الرسالة الأولى أن الدولة العميقة تلاعبت بالوقائع وأدلة الإثبات فى موقعة الجمل، والرسالة الثانية أن الدولة العميقة ماتزال حاضرة ومؤثرة فى دوائر القضاء وفى أساليب عمله، فالقاضى الذى أصدر حكم البراءة التزم بالشكل وتجاهل المضمون، والشكل هنا عبارة عن أوراق وأقوال شهود وتقارير طبية رسمية كتبها وفبركها موظفون فى دولة مبارك.
الرسالة الثالثة أن إجراءات التحقيق والتقاضى تحتاج إلى إصلاح شامل، ليس فقط بسبب الحكم الأخير فهناك أحكام كثيرة سبقته أشهرها قضية مبارك والعدلى، والهجوم على أقسام الشرطة، إضافة إلى الميوعة والإهمال فى قضايا الكسب غير المشروع وتضخم ثروات رجال مبارك. أما الرسالة الرابعة فهى لمرسى وجماعته وتتعلق بعدم قدرتهم على إصلاح القضاء ومؤسسات الدولة وتحقيق نهضة حقيقية بدون تعاون كل القوى الثورية والسياسية.
الرسائل الأربع تأتى فى ظل خلط متعمد للأوراق، ترافق مع نقاش سياسى وقانونى يتسم بالسطحية والروح الثأرية بين القوى الإسلامية بقيادة الإخوان، والقوى المدنية، والفلول، لذلك ضاعت الحقائق وتعمق الانقسام والاستقطاب بين الأطراف الثلاثة، فالفلول والقوى المدنية مع احترام استقلال القضاء، والإخوان مع ضرورة تغيير النائب العام، وإصلاح القضاء. لكن إصلاح القضاء يمكن أن يتحول إلى قضية حق يراد بها باطل، فالإخوان قد يستخدمونها لأخونة السلطة القضائية. والمفارقة أن القوى الثورية طالبت قبل أكثر من عام المجلس العسكرى بالضغط عليه وإقناعه بتقديم استقالته، لأنه ليس من المنطقى، أو الأخلاقى استمرار النائب العام الذى عينه مبارك بعد الثورة، لكن يومها رفض الإخوان مطلب القوى الثورية، وأكدوا على ضرورة احترام القضاء وعدم التدخل فى شؤونه!!
هذه المفارقة تكشف النهج البرجماتى للإخوان، الذى يسعى لتحقيق مصلحة الجماعة بغض النظر عن المبادئ، فى هذا السياق أشير لقرار الإخوان بالتظاهر فى التحرير للمطالبة بتنفيذ قرار الرئيس بتعيين النائب العام سفيرا، أى إقالته بطريقة ساذجة!! فى الوقت نفسه فإن هذه المظاهرات قامت بالتشويش والاعتداء على مظاهرة كشف الحساب للقوى المدنية. وأعتقد أن شكل التحرير أول أمس وما جرى فيه من مصادمات هو تجسيد عملى لانقسام القوى التى صنعت ثورة يناير، يذكر بالانقسام الذى وقع فى احتفالية مرور سنة على الثورة، حيث وقف يومها الإخوان مع العسكر، والخوف الآن أن يمتد الانقسام والصدام إلى المجتمع.
أختم بالتأكيد على أن للقوى المدنية أخطاءها، لكن الإخوان يتحملون المسؤولية الأكبر لأنهم يمسكون بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، ومع ذلك فشلوا فى تأمين مظاهرة سلمية للمعارضة!! كما فشلوا فى المائة يوم الأولى فى حل أهم مشكلات مصر، والتى كانوا قد وعدوا بحلها، رغم أن أحدا لم يطالبهم بذلك.. ثم لم يعترفوا بالفشل أو بثقل التركة، وبالتالى لم يراجعوا حساباتهم، ويتصالحوا مع القوى المدنية الثورية، بل على العكس استمروا فى هيمنتهم ومحاولاتهم للانفراد، وتهميش الآخرين مما جعلهم يقفون وحيدين فى مواجهة ملفات صعبة فى مقدمتها إصلاح القضاء ومؤسسات الدولة وأجهزتها العميقة.
أتعشم أن يتعلم الإخوان من أخطائهم، ويدركوا بؤس الأوضاع الاقتصادية وخطورة المرحلة والتى تتطلب إنهاء الانقسام بين القوى الإسلامية والقوى المدنية الثورية، وبناء جبهة عريضة للعمل الوطنى تبدأ أعمالها بالتوافق على لجنة تأسيسية جديدة عوضا عن اللجنة الحالية التى لا تمثل كل أطياف المجتمع، ومن ثم أنتجت مسودة أولى للدستور هزيلة ومرتبكة، تمهد لتقسيم الوطن لأنها ببساطة تمهد لقيام دولة دينية تميز بين المسلمين والمسيحيين، وبين الرجل والمرأة، وتضع قيودا هائلة على حرية الفكر والبحث العلمى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد الباقى المحامى
من قتل المتظاهرين هم من فتحوا السجون :الأخوان + حماس +حزب الله + مأجورين من أمريكا
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد بلال المحامى
زمن الجهلاء: قاضيان تم إنتدابهم من وزارة العدل للتحقيق فى موقعة الجمل ولا علاقة للنائب الع
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو هاشم
برافو
الله يفتح عليك يا دكتور محمد
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو هاشم
برافو
الله يفتح عليك يا دكتور محمد
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور حسن حجاج
أخيرا إنكشف الأخوان و عرف الشعب من هو الطرف التالت و من قتل المتظاهرين
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
مصـــــــر
اللهم احفظ مصر من شر الإخوان ومن سيئات أعمالهم
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد شومان اسكندرية
ان شاء الله مصر حاتنجح بمرسى