ستظل جمعة الحساب يوما فارقا فى السياسة، والعلاقة بين جماعة الإخوان وحزبها الحاكم من جهة، والتيارات الأخرى من جهة ثانية، هذه التيارات التى شاركت فى الثورة ووجدت نفسها فى مواجهة مع الجماعة، ومتهمة بالعمل لصالح النظام السابق، وهذه المواجهة تجاوزت السياسة إلى العدوان المباشر، واستخدام العنف من أعضاء بالجماعة على المتظاهرين فى جمعة الحساب، وتحطيم المنصة الرئيسية بالميدان. كانت الهجمات واضحة والاعتداء واضح، ومع هذا اتسمت ردود الأفعال بالارتباك. نفت قيادات الجماعة مثل العريان والبلتاجى أن يكون المعتدون من أعضاء الجماعة، وفى الوقت نفسه هاجموا المتظاهرين واستخدموا أوصافا لهم بأنهم مندسون ومدفوعون، ثم عاد كلاهما ليناشد الأعضاء الخروج من الميدان، وتراوحت الردود بين تبرير للاعتداء على أنه دفاع عن الرئيس ضد الهاتفين، وأنه استجابة للاستفزاز، وتبعتها اعترافات ضمنية بخطأ وجود متظاهرى الجماعة فى الميدان، وهم يعلمون أن المظاهرة ترفع شعار الحساب مرتبطا بالمائة يوم.
وبين النفى والمناشدة والاعتراف والتبرير بدت الحقيقة مثيرة للسخرية والغضب، خاصة أن هناك ضحايا تم ضربهم وسحلهم من ميليشيات جرى شحنها فى أتوبيسات من المحافظات، وبعد احتراق أحدها عادت الجماعة لتقدم بلاغات تتهم متظاهرين بحرقها.
المثير للسخرية الإضافية أن أعضاء الجماعة استغلوا أزمة النائب العام، وصوروا المتظاهرين على أنهم خرجوا ليؤيدوا النائب العام، بينما الحقيقة وما هو معلن أن المظاهرات تم الإعلان عنها قبل أزمة النائب العام بأكثر من أسبوعين، وجاء الحدث على الهامش، وتمت الاعتداءات بعد هتافات تتعلق بحساب المائة يوم، وهى هتافات أقل كثيرا مما اعتادت أن تشهده المظاهرات طوال وجود المجلس العسكرى.
كان وجود الإخوان فى الميدان مقصودا منه إرهاب المتظاهرين، وقد ظنت الجماعة أن المتظاهرين سيكونون أقلية يمكن ترهيبها، وهو خطأ فى الحسابات، وفى قراءة المشهد منذ ما بعد ثورة يناير، حيث الميدان له قواعده ونبضاته وقدرته على الحشد فى حال وجود تهديد. أما الخطأ الأكبر فهو اعتقاد الجماعة بأنها يمكن أن تستخدم العنف فى إسكات الأصوات المنتقدة والغاضبة، وهو ليس خطأ لكنه خطر، لأنه يعنى أن الجماعة بالرغم من وصولها إلى الحكم فإنها ما تزال تحتفظ بالطريقة القديمة، وتمارس جزءا ظاهرا وآخر مستترا.
أما الأهم هنا فهو محاولات قيادات الجماعة تشويه المتظاهرين من التيارات الأخرى، واعتبار أن كل من يعارض الجماعة هو من النظام السابق، وهى محاولة إرهاب فقدت معناها ولم تعد قادرة على إحداث أى نتيجة، لأن أى حزب معارض ينتقل إلى السلطة يجد نفسه أمام معارضة تسعى هى الأخرى للسلطة، وبالتالى فإن ظاهرة «الشماعات» التى يبحث عنها البعض لتعليق الفشل أو الأخطاء لم تعد ذات فاعلية، ويفضل مواجهة الواقع بدلا من الالتفاف حوله، والشماعات تعطى غالبا تفسيرات وحسابات خاطئة تقود إلى نتائج خاطئة أيضاً.
لقد كانت جمعة الحساب فارقة، لأنها كشفت عن عجز مزمن لدى الحزب الحاكم وقياداته دفعهم إلى الوقوع فى أخطاء حاولوا إصلاحها بالمزيد من الأخطاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
رمتنى بدائها وانسلت
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد سيد حادى
لك الله يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
متفرج
نعيب على الاسلاميين والعيب فينا .. وما للأسلاميين عيب و العيب فى الليبراليينا
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد هيبه
سلامـــــــــــــــــــــــــــــــا
سلامـــــــــــــــــــــــــــــــا
عدد الردود 0
بواسطة:
Abbas Safwat
تحليل جيد
تحليل عميق و جيد و ننتظر ان يرد الاخوان بمصداقية