استغرب من قيام بعض قيادات الإخوان وأذنابهم بالهجوم الشرس والمتواصل على وسائل الإعلام، واتهامها بالكذب والتضليل، ولاهم لها سوى مهاجمة التيار الإسلامى الذى يسيطر الآن على السلطة فى مصر، واعتبار «ليبرالية ويسارية» الصحف والقنوات الفضائية التى يهاجمونها سبة جديدة، تضاف إلى باقى الاتهامات بالعمالة والتمويل الخارجى. والسبب هنا للاستغراب، هو أن هذه القيادات والأذناب نجوم دائمون سواء على صفحات الجرائد، أو شاشات الفضائيات «الليبرالية واليسارية» -والعياذ بالله- طوال سنوات النظام السابق، أو بعد ثورة يناير وحتى الآن. وبعض من قرر مقاطعة الفضائيات المعادية للتيار الإسلامى من وجهة نظره، أصبحوا نجوم مجتمع، وساسة كبارا بفضل تلك الفضائيات، بل إن عددا منهم، أصبحت لهم برامج خاصة على شاشاتها، وعددا آخر يعملون ويحتلون مناصب عليا فى صحف يهاجمونها، ويتهمونها بأنها صحف الفلول والتمويل الخليجى.
هؤلاء لا يملكون الشجاعة والجرأة الكافية للاستغناء عن العمل فى صحف الفلول الليبرالية واليسارية التى تمول من الخارج، لكى يتسق ذلك مع أحاديثهم المملة والمكررة، ومواقفهم المعلنة حتى لا نتهمهم نحن بالنفاق، وآياته الثلاث، «إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم».
وعليهم جميعا أن يولوا وجوههم وطلعتهم البهية إلى صحفهم وقنواتهم المبجلة والمحترمة والنظيفة والطاهرة والتى لا تمول أبدا من الخارج لا سمح الله، ويتم الانفاق عليها فى سرية تامة حتى لاتعلم اليمين من الشمال مصادر التمويل المجهولة.
وأنا لا أعيب على هؤلاء فى هجومهم واتهاماتهم وهم على كرسى العرش، فالخطأ ليس خطأهم، بل خطأ صحف وقنوات الليبراليين واليساريين الساذجة والطيبة التى فتحت صفحاتها وبرامجها على مصراعيها فى زمن مبارك لهؤلاء المساكين الغلابة، المضطهدين فى مرحلة «التقية»، ودافعت عن حقهم فى ممارسة العمل السياسى تحت وهم أنهم فصيل وطنى فى حركة النضال الشعبى ضد النظام السابق، ولم تدرك أنه بمجرد زوال التقية والاستحواذ على السلطة، لن يكون جزاؤها جزاء الإحسان ورد الجميل والمعروف الذى دفعت من أجله أثمانا باهظة من أجل عيون الإخوان وغيرهم.
لكن الإرهاب الجديد ضد الإعلام سيذهب جفاء فالمعركة الوهمية التى يقودها رموز وقيادات وأذناب النظام الجديد خاسرة، لأنهم لا يتعلمون دروس التاريخ القريب، وسيبقى الإعلام الذى ينفع الناس صلبا قويا فى مواجه الديكتاتورية الجديدة.