انتظرنا طويلا أن يخرج علينا المستشار حسام الغريانى ببيان ينفى فيه أنه هدد النائب العام باعتداء متظاهرى الإخوان تكرارا لما حدث مع الدكتور السنهورى، حسبما ذكر المستشار عبدالمجيد محمود فى بيانه التاريخى، لكنه لم يفعل.
وانتظرنا أن يخرج المستشار الغريانى ليوضح أسباب تحوله من قاض بارز فى تيار الاستقلال ومعارض صلب لكل من يتجاوز القانون، إلى لاعب سياسى يعتمد مبدأ الترغيب والترهيب ويبرر الغاية بالوسائل المشروعة وغير المشروعة، لكنه لم يفعل.
وانتظرنا أن يظهر المستشار الغريانى ويعلن لنا الرابط بين كونه رئيس الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وبين مخالفة القانون بمحاولة عزل النائب العام بالقوة، أو بين كونه رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان وبين تهديد نائب الشعب المصرى بالاعتداء عليه فى مكتبه من مجموعات الغوغاء التى تتحرك بالريموت كونترول، لكنه لم يفعل.
وانتظرنا منه أن يشعر بالحزن والألم على تاريخه المشرف فى سلك القضاء، وأن يعترف بخطئه على غرار المسؤولين الكبار، بأن يقدم استقالته من الجمعية التأسيسية لأنه لا يصح أن يكون على رأس مؤسسة صياغة الدستور من يخالف القانون، وأن يستقيل من المجلس القومى لحقوق الإنسان لأنه لا يجوز أن يتبوأ رئاسة المجلس المدافع عن الحقوق من يدعو لإهدارها، لكنه لم يفعل أيضاً.
ماذا فعل الغريانى إذن منذ أن كشف النائب العام ما بدر منه من عدوان وتجاوز يعتبر بين الأمم المتحضرة فضيحة سياسية كبرى تطير لها الرؤوس وتخصص للتحقيق فيها اللجان المستقلة؟ التزم الصمت السيئ الأقرب إلى المكر والدهاء إلى أن تعبر الموجة استنادا إلى القول الشائع المغلوط بأن المصريين لا يتمتعون بذاكرة قوية وسرعان ما سينسون، وستمضى مياه جديدة فى نهر السياسة العكر الملىء بالقاذورات.
والحقيقة ياسيادة المستشار الغريانى أن المصريين طيبون جدا ومتسامحون للغاية، لكنهم ليسوا حمقى أو بلهاء أو ممن يصبرون على العار، ولذلك لن يقبلوا دستورا أنت رئيس الجمعية التأسيسية التى صاغته، وسيظل اسمه «دستور الغريانى البغيض»، ولن يثقوا فى أى قرار يتخذه المجلس القومى لحقوق الإنسان لأنه «مجلس الغريانى المعتدى».