أواصل ما بدأته أمس حول الهجوم المغرض على وسائل الإعلام، واتهامها المغلوط بأن الليبراليين والعلمانيين هم الذين يسيطرون عليها، وأشير هنا إلى حلقة مهمة ومميزة أمس الأول لبرنامج «ناس بوك» للإعلامية المتميزة هالة سرحان، وكان ضيفيها المتألقين الدكتور عبدالخالق فاروق، الباحث الاقتصادى والسياسى، والكاتب الدكتور محمود عمارة.
أثار الدكتور عبدالخالق فاروق قضية علاقة الثروة بالسلطة من خلال عملية إحصاء لـ«بيزنس» قيادات جماعة الإخوان، وجاء بمعلومات مهمة فى ذلك عن الدكتور حسن مالك، والمهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، ومدحت الحداد وشقيقه الدكتور عصام الحداد، مستشار رئيس الجمهورية، والمهندس سعد الحسينى، محافظ كفر الشيخ، وغيرهم من الأسماء، ولم يأت هذا السرد بمنطق رفض الرزق الحلال لهؤلاء، إنما بتحذير من استمرار عملية تزاوج السلطة بالثروة، وهى الآفة التى قتلت نظام مبارك بعد أن تزايدت فى سنواته الأخيرة، ممثلة فى شخصيات مثل المهندس أحمد عز.
حديث الدكتور عبدالخالق فاروق يمكن أن تكتفى بمواجهته بالقول إنه يأتى من رجل على خلاف مع جماعة الإخوان، ويمكن أن تتسع المواجهة باتهامه أنه ليبرالى أو علمانى، وهو ليس كذلك، ومع هذه النبرة تغيب قضيته الرئيسية، وهى تحذيره من تزاوج السلطة بالثروة، ولو وضعنا كلامه فى موضعه الصحيح دون تشنجات، سنجده يرمى إلى مصلحة وطنية أكيدة، يستفيد منها الرئيس محمد مرسى قبل غيره، فهل يليق بعد ذلك أن يواصل البعض اتهام الإعلام بأنه يحرّض، وهل المطلوب من الإعلام فى مثل هذه القضية أن يكون كالرجل الأخرس؟
فى نفس الحلقة، أثار الدكتور محمود عمارة قضية متعددة، أتوقف فيها أمام ما ذكره عن بنك الأفكار الذى تولى مسؤوليته تطوعا أيام وزارة الدكتور عصام شرف، وعبره تلقى أفكارا رائعة للتنمية قدمها مصريون، أملا فى نهضة حقيقية، وتصديقا للحلم الذى داعب الجميع مع ثورة 25 يناير، وكشف عمارة أنه التقى خيرت الشاطر، وقدم له هذه الأفكار، لكن لم ينفذ منها شيئا، وفعل «عمارة» ذلك بالرغم من أنه يختلف مع جماعة الإخوان، فهل يكون نصيبه بعد إثارته لهذه القضية اتهامه بأنه «ليبرالى وعلمانى»؟، من سيقول ذلك يعنى أنه يعمل ضد مصلحة الرئيس مرسى، لأنه يقضى على أفكار مصرية رائعة موجودة تعينه على «النهضة».