أعرف أنك فى أمسّ الحاجة إلى خبر حلو، وأعرف أن احتياجك لجرعة من التفاؤل يتفوق على احتياجك لإفطار الصباح، وصدقنى كانت النية معقودة على ذلك.. أن أكتب لك عن واحدة من هذه الأشياء المفرحة التى تأخذ بيدك من مستنقع ارتفاع الضغط والتوتر والقلق، لكن يبدو أنه لا أنا ولا أنت لنا فى الطيب أى نصيب، خلال تلك الأيام على الأقل.
البلاوى كثيرة والكوارث مخجلة والأداء ممل ومرتبك، والأكاذيب تتطاير من على ألسنة أهل شعار «قال الله وقال الرسول»، والمعارضة تحول رموزها إلى صيادى أخطاء للإخوان، بدلاً من الاهتمام بحال البلد ومستقبله وحال أحزابه وحركاته السياسية وتعثرها.
عن أى كارثة أو مصيبة سودة أكتب لك..
1 - هل أكتب لك عن الشيوخ أصحاب اللحى الذين وقفوا أمام المحاكم رافعين لوحات عليها صور لنساء عرايا، وقبلات ساخنة ليعرضوها على الناس فى الشوارع والفضائيات، فى سابقة هى الأغرب والأكثر تناقضا فى العالم؟، فلا أحد كان يتخيل ولا حتى إبليس نفسه أن يشاهد يوما ما شيخا بلحية يرفع للناس فى الشوارع صورا «سكس»؟، أم أكتب لك عن الخجل والكسوف والحسرة التى لم تعرف طريقها للشيخ عبدالله بدر، وغيره من الشيوخ الذين رفعوا صوراً عارية لإلهام شاهين «الفنانة المملة»، وثبت بعد ذلك أنها صور مفبركة؟
2 - هل أكتب لك عن المذيعين الذين تمادوا فى خصومتهم مع الإخوان للدرجة التى دفعتهم لمعايرة رموز الجماعة بالأموال التى يحصلون عليها مقابل الظهور فى البرامج، دون أن يخبروا المشاهدين فى المنازل أن حصول بعض الضيوف على مقابل مادى للظهور أمر تقليدى ومتبع فى كثير من المحطات؟
الأعراف الفضائية تبرئ ساحة بعض أعضاء الإخوان الذين يحصلون على مقابل مادى للظهور الفضائى، وهم بالمناسبة عدد قليل جداً، وليس من بينهم عصام العريان أو أحد من قيادات الجماعة الكبار، وحتى لو كان من بينهم قيادات يبقى الوضع كما هو عليه، فعل عادى طبقا للتقاليد الفضائية التى تمنح هذا الحق للفنانين ولاعبى الكرة على سبيل المثال، وتقدم لهم مقابل ظهور الواحد أرقاما فلكية تتخطى فى بعض الأحوال مئات الألوف.
3 - هل أكتب لك عن الدكتور عصام العريان الذى أصبح نسخة أكثر تطوراً من المدعو توفيق عكاشة، وسقط فى فخ «تويتر» الذى يضاعف شهوة التصريح و«التلسين»؟. العريان الذى لم يجد شيئا ليقوله بالأمس كتب يسأل «ماذا فعل د. فتحى سرور خلال الساعات التى قضاها خارج السجن؟! وبمن اتصل من رجال مبارك الذين ﻻ يزالون فى مواقعهم يتآمرون ضد إرادة شعب مصر؟!» دون أن يقدم أى دليل أو حتى انطباع أو شكوك دفعته لأن يطرح هذا الطرح الذى يعتمد على التفتيش للنوايا، ويسقى الناس نظرية المؤامرة بـ«المعلقة»، ويبحث للفشل الإخوانى عن أى مخرج، حتى لو كان المخرج هو العودة إلى ترويج نظرية الثورة المضادة والفلول وخلافه.
الغريب فى تصريح العريان أنه يجعل طرح أى أسئلة حول تمويل الإخوان، وعلاقة الجماعة بالمجلس العسكرى، ووجود صفقة مع أمريكا، أسئلة متاحة ومقبولة حتى إن لم يصحبها دليل، وهى الأسئلة التى يعتبرها الإخوان كذبا وتضليلا إعلاميا ومؤامرة على الجماعة والرئيس إذا تم طرحها فى أى وسيلة إعلامية، وبالتالى يمكنك أن تصل لنتيجة تقول بأن تصريح العريان الأخير هو التطبيق العملى لفكرة نهى الناس عن فعل الشىء، ثم الإتيان به واستحلاله بعد تحريمه عليهم.