العنوان للكاتب الكبير عادل حمودة، والمعنى عندى ينطلق من العاصفة التى أثارتها تصريحات الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، عضو الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية، حينما تحدث عبر صفحته على "فيس بوك" حول دراسة مصر لمقترح قطرى يقضى بتدخل عسكرى عربى فى سوريا لإسقاط نظام بشار الأسد، فبدا الأمر وكأن قطر تريد أن تمول حرباً يخوضها الجيش المصرى ضد قوات بشار الأسد، الأمر الذى انتقده الكثيرون من النخبة والعامة، رافضين تحول الجيش المصرى المحترف إلى مجموعة كتائب مرتزقة تعمل لصالح من يدفع..
ومع تأخر الرئاسة المصرية فى التعقيب على هذا التصريح الخطير من أحد أعضاء هيئتها الاستشارية زادت حدة الجدل فى مصر، خاصة بعد أن ربط الجميع بين تصريحات عبد الفتاح، وخطاب مرسى فى أنقرة الذى أكد فيه أن مصر لا يمكنها أن تظل صامتة على الانتهاكات التى تحدث فى سوريا.. ومن ثم بدت تصريحات سيف الدين عبد الفتاح وكأنها تفسير وشرح لخطاب رئيس الجمهورية، ما زاد من سخونة الأجواء السياسية.
لا يمكن لما حدث أن يمر مرور الكرام دون أن تؤخذ منه العظة والعبرة.. مستشارو الرئيس يفوق عددهم العشرين، إذا جمعنا الهيئة الاستشارية المكونة من 17 مستشارا، مع مساعدى الرئيس الأربعة، فضلاً عمن يمكن تسميتهم مجازاً بالمستشارين الشرفيين، الذين أعلن عنهم دون اختصاصات ولا مبررات واضحة، مثل الدكتور كمال الجنزورى، والمشير حسين طنطاوى، والفريق سامى عنان.. أى أننا أمام هيئة استشارية يصل عددها إلى 24 عضواً.. لكل منهم حرية التحدث فى وسائل الإعلام وعلى صفحات الإنترنت الشخصية، خاصة أن الغالبية العظمى من هذه الهيئة هم نخبة ضيوف وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة على وجه التحديد، ومن ثم فإن الناس وقعوا فى حيرة من أمرهم وهم يتابعون تصريحات وأحاديث كل عضو من الهيئة الاستشارية، وعما إذا كانت هذه التصريحات شخصية أم معبرة عن وجهة نظر الرئاسة؟
الدكتور ياسر على، المتحدث الرسمى للرئاسة، أعلن بعد عاصفة عبد الفتاح أن تصريحات الهيئة الاستشارية لا تعبر، بأى حال من الأحوال، عن وجهة نظر الرئاسة، إنما هى وجهات نظر شخصية فقط لأصحابها، نافياً كل ما تردد فى شأن التدخل العسكرى المصرى فى سوريا..
غير أن النفى الرئاسى الذى ينطلق من استراتيجية رد الفعل، خاصة أنه جاء متأخراً، قد لا يكون هو السبيل الأمثل لمعالجة أمر بهذه الخطورة، هذا إذا أدركنا أن تصريحات من هذا النوع قابلة للتكرار فى العديد من القضايا والمواقف التى يمكنها أن تسبب حرجاً للإدارة المصرية على المستوى الخارجى، وفى علاقات مصر مع دول العالم.. يكفينا هنا تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين عن شئون وقضايا داخلية وخارجية، التى فجرت تساؤلات ساخنة تبدو بلا إجابة حتى الآن عن ماهية صناعة القرار فى مصر مؤخرا؟!!
الاستراتيجية المناسبة، كما يبدو لى، هو أن يتحمل أعضاء الهيئة الاستشارية مسئولياتهم إزاء مناصبهم الحساسة، وأن يتلمسوا الحذر فيما يعلنون، بحث لا يخرج تصريح من أحدهم فى أى من القضايا المطروحة على الساحة إلا بعد دراسة وبحث لهذه القضية على مستوى الهيئة الاستشارية، بحيث يكون هذا الرأى نفسه هو رأى الهيئة بكامل تكوينها.. وليس شرطا هنا أن يتوافق هذا الرأى مع رأى رئيس الجمهورية، خاصة أنها هيئة استشارية تقدم المشورة والرأى بعد دراسة دقيقة وعلمية، بحيث تأتى هذه الآراء مجردة من أية أهواء أو مصالح أو نوازع شخصية.. أما وإن تركنا الحبل على الغارب كى يدل كل عضو بدلوه، ثم تتدخل الرئاسة فيما بعد لتصحيح الوضع، فهو أمر لا يليق بما ننتظره من مصر فى عهدها الجديد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة