صدرت الأسبوع الماضى المسودة الأولى للدستور المصرى الجديد، وذلك قبيل أيام قليلة من إعلان محكمة القضاء الإدارى حجز قضية حل الجمعية التأسيسية الحالية إلى يوم الثلاثاء المقبل حتى يسدل الستار بشكل مبدأى حول استمرار الجمعية من عدمه، وذلك دون أن ننسى أن الجدل حول الدستور ذاته لا يأتى فقط من تشكيلة اللجنة التأسيسية، ولكن أيضا يأتى مما يطرح من آراء ومواد للنقاش، وبشكل مبدأى أعتقد أن المسودة الأولى من الدستور خيبت آمال الكثيرين من الذين تمنوا أن تخالف التأسيسية توقعاتهم وتخرج عليهم بدستور معبر عن الثورة ومطالبها من ترسيخ القيم الديموقراطية والمواطنة وحقوق المرأة والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية وغيرها من القيم التى نادت بها الثوره الغراء. فمثلا فى باب نظام الحكم لا نجد أى حديث أو آليات لمحاسبة الرئيس ومراقبته، فسلطة مجلس الشعب تطال الجميع حتى رئيس الوزراء، ولكنها لا تصل بأى حال من الأحوال لمنصب رئيس الجمهورية، وهو ما يشكل استمرارا لنهج دستور 1971 والذى جعل من الرئيس منصبا فوق المحاسبة، وعند نقطة الرئيس نجد فى باب أجهزة الدولة الرقابية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وغيره يتم تعيين قياداته عن طريق رئيس الجمهورية وهو الأمر الذى يضرب عرض الحائط بمبدأ الشفافية، وتضارب المصالح، فلا ينتظر من أى من هذه الأجهزة إحكام الرقابة على شخص هو نفسه الذى قام بتعيينهم. أيضاً المادة الثانية من الدستور بها التفاف كبير فبعد أن أعلنت القوى السياسية المختلفة باستثناء السلفيين تمسكهم ببقاء المادة الثانية، كما هى نجد أنه تمت إضافة مادة قيل أنها لتفسير كلمة «مبادئ» وهو الأمر الذى يعيد مرة أخرى الجدل العقيم والذى يستهلك جزءا من طاقات المجتمع، حيث إن المادة الثانيه لها تفسير واضح من المحكمة الدستورية العليا، والذى تحدث عنه أن المخاطب من المادة الثانية، هو المشرع وأن المقصود منها هو ألا يخالف تشريع أو قانون يصدر من البرلمان أحكاما قطعية الدلالة، قطعية الثبوت، أى أنها لا تخالف ما هو معلوم، وثابت من الدين بالضرورة، وهنا أشير إلى ما قاله أستاذ مثل المستشار أحمد مكى والدكتور سليم العوا وغيرهما من أساطين القانون والفكر الإسلامى بأن القوانين المصرية لا تخالف الشريعة الإسلامية، وعلى ذلك، فإن الجدل الذى يثيره البعض إن كشف عن شىء، فإنه يكشف أهدافا انتخابية أو رؤى ضيقة للدين أو محاولة لتغيير الهوية المجتمعية المصرية وهو لا يتصور حدوثه فى مجتمع مرسخ فيه هوية خاصة به، وبالنظر إلى بعض المواد التى تحدثت عن دور الدولة فى دعم الأخلاق وللمحافظة عليها فإن مثل هذه الصياغات، وإن كانت تحمل قيما جيدة على مستوى المضمون فإنها فى ذات الوقت ترسخ مفاهيم الدولة التدخلية التى تفرض على الأفراد أنماطا معينة من الحياة، وهو الأمر غير المقبول، ليس لأننا نرعى أو ندعو إلى الانحلال أو التحليل من أى قيمة أخلاقية، ولكن لأن هذا هو دور المجتمع وليس الدولة لأنه ببساطة، لو سمحنا للدولة التدخل فى تلك الأمور، لا نضمن من يحكم أنه ربما يتدخل فى أمور أخرى هدفها فرض السيطرة السياسية والاستبداد باسم أيضا القيم النبيلة، هذا هو جزء بسيط من المواد التى توقفت أمامها، وربما تكون لنا عودة لاحقة للحديث حول مجموعة أخرى من المواد المطروحة للنقاش.
عدد الردود 0
بواسطة:
islam.wardany
تاني علشان الناس تفهم
عدد الردود 0
بواسطة:
جهاد السكندرى
نرفض المادة الثانية إذا ظلت بها كلمة مبادئ
عدد الردود 0
بواسطة:
taha
ربنا يهديك
عدد الردود 0
بواسطة:
د. السيد
تعليق على اهم نقطتين فى المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو محمد الحفناوى
كفى به حسنا ان تعد معايبه