عندما تتولى أى سلطة الحكم، الطبيعى أن تتشكل باقى التيارات التى لم تصل للسلطة فى المعارضة، وتسعى للسلطة. وفى الديمقراطيات الحديثة هناك مقولة إن الناخبون يذهبون إلى صناديق الانتخابات لا ليختاروا الحزب الحاكم الجديد بل ليسقطوا الحزب الحاكم القائم، الذى يكون قد استنفد فترته. ليخلى مكانه لحزب حاكم آخر، وهو تداول السلطة الذى يقوم على المنافسة بالبرامج.
وفى حالة مصر بعد نهاية نظام مبارك كانت الفرصة للتيار الأكثر جهوزية، وهو جماعة الإخوان، التى شدت معها بالقصور الذاتى تيارات وتنوعات قريبة منها إلى البرلمان بعد انتخابات حصلت فيها المعارضة الليبرالية واليسارية. مجلس الشعب الماضى قضى وقتا فى الجدل والهجوم بقدر ما عجز عن رسم خطوط النظام الجديد، وانتهى مجلس الشعب بالحل بعد أخطاء للأحزاب التى أصرت على وضع المادة التى تتيح لهم الترشح بالقائمة وعلى المقاعد الفردية.
ثم دخلنا فى انتخابات رئاسية انتهت بفوز مرشح الإخوان الدكتور مرسى الذى دخل فى الإعادة، واضطر لتقديم وعود للمعارضة، حتى تدعمه فى مواجهة خصمه شفيق.
جماعة الإخوان اعتبرت نهاية المطاف وصولها إلى السلطة، وبدأت تتعامل مع المعارضة بنفس الطريقة السابقة ليس على أنها جزء طبيعى من أى نظام سياسى، لكن قيادات الإخوان قضوا وقتهم فى محاولة البرهنة على أن المعارضين، إما قلة مندسة أو أنهم ينتمون للنظام السابق، وهو جزء من مقدمات خاطئة لن تقود إلى نتائج سليمة.
لقد شاركت هذه التيارات بمختلف توجهاتها فى معارضة نظام مبارك، بدءا من حركة كفاية أو ما بعدها، التى كانت تعارض والإخوان يخوضون الانتخابات بمنافسة تارة واتفاقات تارة أخرى، وكان الليبراليون واليسار وحتى الشباب الذى لا ينتمى لتيار بعينه ضمن معارضة تجلت فى مظاهرات 25 يناير ثم جمعة الغضب، التى تأخر عنها الإخوان، ثم شاركوا بعد أن اكتشفوا ضخامة المظاهرات، نظام مبارك اتهم الإخوان بتدبير المظاهرات، وكانت ضمن المقدمات الخاطئة تماما مثل الاستهانة بالمظاهرات وبأحداث تونس، الأمر الذى عجل بالنهاية.
الآن يصر قيادات الإخوان على التقليل من قيمة المعارضة، التى سبقهم بعضها إلى المشاركة فى الثورة، تارة بالاستهانة، وأخرى بالتشويه ونسبتها إلى تحالفات مع النظام السابق، وهم يعلمون خطأ هذه التحليلات.
هم لا يريدون الاعتراف بأن قطاعا واسعا فى الشارع يشعر بالغضب من تأخر تنفيذ الوعود، وارتباك الحكومة والرئاسة فى قضايا المجتمع، كالخبز والنظافة والوقود والمرور والعلاج، مع استمرار القواعد والأسس التى كانت تحكم نظام مبارك، مع التركيز على تمكين الموالين، واستبدال أشخاص بآخرين، وليس نظاما بآخر.
هذا هو ما يثير الغضب، لكنهم يتجاهلون الفشل ويبررونه ويدافعون عنه، بل يتمهون كل من يقول ذلك بأنه يريد إعادة نظام مبارك بينما مبارك ورجاله ذهبوا والتاريخ لا يعيد، ويكذب من يتصور ذلك أو يزعمه، لكن الظاهر هو أن نفس العقلية تحكم وأن إعادة النظام السابق تتم باستمرار آلياته، حتى لو تغيرت الوجوه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
اسئله تحتاج اجابات موضوعيه وواقعيه
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
الى الذين قالو :- الدستور أولا ..... ولأ بعد 100 سنة سيتفق الجميع ....