على صالح محمد الضريبى

سمع هوس!

الخميس، 25 أكتوبر 2012 11:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أدرى لماذا بعد استماعى مؤخراً لخطاب نموذجى لأحد حكامنا العرب (يعنى حزر فزر مين، والحبل على الغارب!)، جلست أردد فى نفسى – أو بصوت خفى! – خلال وبعد الخطاب "الحكام العرب شعراء، الحكام العرب شعراء.....، يقولون ما لا يفعلون، يقولون ما لا يفعلون...."، وربما مرد ذلك لكونى لم أجد الرابط والتبرير المنطقى بين ما يقوله هذا الحاكم فى خطابه وبين ما يفعله على أرض الواقع، فأردت أن أجد له – وباقى أصحاب الجلالة والسمو والفخامة الشلة – أى تبرير والسلام ليحل فى مخى السلام، وإن كان غير منطقى أو شرعى ينطبق عليه، وليسامحنى الله، وعودة إلى المقصود بـ"الخطاب النموذجى للحاكم العربى"، الذى ولله الحمد ما زال من أهم ثوابته أنه يبتدأ بالبسملة وينتهى بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته – الله لا يغير علينا – وبين البسملة والسلام، الختام، وطارت للشعب أحلام مع أنهم أثناءه نيام!
ويبقى بعد البسملة وقبل السلام، أن أضع أمامكم أهم باقى الثوابت المضروبة بمسمار جحا فى أغلب خطابات حكامنا العرب والتى لا تخفى على كريم أسماعكم، مع شوية تحليل (تريقة) من قبلى على الخطاب السامى، مع استخدام "قفشات" من اللهجة المصرية الخفيفة والمخففة على القلب والروح، الجادة فى إيصال المعنى:
أبنائى المواطنين: يا باشا – أبى – ما دام أنا ابنك خذنى أعيش معك فى بحبوحة، عوضاً عن حياتى المذبوحة! الله يمد عمرك كصبوحة!
الديموقراطية/ نحن بلد ديموقراطى: أبسط وأهم تعريف للديموقراطية هو "حكم الأغلبية". الأغلبية فين؟ أو بمعنى أصح "شلها يا أغلبية".
أبوابنا مفتوحة: ميكانيكى السواق بتاع حضرتك، لن أستطيع مقابلته!
أنا فى خدمتكم: طبعاً خدمة خمس "نجوم الظهر"، ولا أنسى فى هذا المقام ما "وراء الشمس"!
حرية الرأى والتعبير: أخ.. لولا طهارة المنبر الصحفى ماسكنى من زورى!
مؤسساتنا التشريعية: خليط من أفراد ينتمون لأحزاب وجمعيات دياسية (دين – سياسية) مستغلة (أوعى تصدق أنه يوجد نائب/ عضو مستقل)، هدفها دوس آمال الشعب بحجة مقترح بقانون أو برغبة، أو الأدهى "الحكومة مش موافقة"!
مؤسساتنا القضائية: قضى، يقضى، يقاضى، تقاضوا، قاضى، قضاة، قضية، قضايا، قضائية.....يعنى سير عمل المحاكم سنة وراء سنة وراء سنة ... هكذا دواليك ولا دوا ليك، حتى يصل الأغلب قضاء الله، وويلٌ لقاضى الأرض من قاضى السماء.
المستقبل المشرق: "مين الراجل اللى واقف ورى المستقبل المشرق"؟!
التغيير: زى "الربيع"، بالشقلوب تبقى "العربى"!
الإصلاح: يعنى كل الكلام الفارغ للدولة لا سمح الله ناقص خانة فاضية! طيب يا حبيبى املأ الفاضى بالفارغ، بماذا سنخرج بالمحصلة؟ (النتيجة إيه؟) "كلام فى الهوا"!
محاربة الفساد: مباركة الفساد!
العلم والتعليم: بعيداً عن الخوض فى تفاصيل النظام العلمى والتعليمى العربى المهلهل ابن تعيسة، يكفينى أننا أصحاب أول جامعة أُنشئت فى العالم، وأصحاب أخيب جامعات أنشئت بعدها فى العالم!
الأجيال القادمة: الله يساعدهم إذا ظللتم أنتم أنفسكم – أو زيّكم - لهم.
رفاهية ورقى المواطن: فى السماء عند ربى. يعنى يا عالم عند الله متى وكيف؟! أو لما نجتمع عنده، وعند الله تجتمع الخصوم.
المواطنة الحقة: أهم شىء لن ينتظر أن يتعلمه منكم المواطن الشريف.
السلام فى المنطقة: "سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين".
قضايا الأمتين العربية والإسلامية وأهمها القضية الفلسطينية: متى تُنظر فى الأمور المستعجلة، وتحكّموا فيها ضميركم بحق؟؟!! وزغردى يا هيلارى!
هل ما ذكرت أعلاه من تحليل منطقى – ما فيش غيره!- لأهم النقاط التى جاءت/ ستجىء فى خطاب أى حاكم عربى (والرغى الفاضى لا يُدقق فى زيادته أو نقصانه)، يُعد من باب التريقة أو جلد الذات أو التغاضى المُجحف عن "إنجازات ذهبية" حققتها الحكام لأوطانها وشعوبها؟ (يعنى ممكن هنا للأمانة التاريخية تصريف "ذهبية"، لما رواه "الذهبى"، فى سير النبلاء، أو كون أحد رؤساء الحكومات العربية حمل لقب "الذهبى"!) كلا، وهذا ما يتمناه وسيقول به أصحاب المصالح ومسح الجوخ والباليس.. (الأخيرة لفظة خليجية شائعة ومرادفة لما سبقها). إنما قصدت من "اللفة دى" ما قصده ابن تيمية فى مقولته "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة". فهنا تكمن المشكلة ويكمن الحل أيضاً؟!
ومن منطلق "وحدة بوحدة"، و"العلاقة الوطيدة بين الحاكم والمحكوم"، كان لا بد "منطقياً" من بهدلة المحكومين أيضاً (ولا أبرئ نفسى!). فنحن مجتمعات وللأسف – كلها مع بعضها - أصبح وأمسى أفرادها – إن علموا فتلك مصيبة، وإن لم يعلموا فالمصيبة أنيلُ! - مرضى بما يسمى "عقدة/ متلازمة عرب هَم أو عرب هُم؟!"، (العائدة فى حالتى النطق على الحكام مع مراعاة نُطق الثانية بصيغة السؤال والتعجب؟!)، وهى الحالة النفسية العربية الأصيلة التى يطور خلالها الأفراد علاقة خوف من النظام، فيصبح المجتمع ضحية النظام، ويدرك النظام هذه الحالة مع الوقت، حتى يتقن لعبة ابتزاز المجتمع. فيعتاد الشعب على القمع والذل لدرجة تجعله يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل ويظل يدافع عن النظام القمعى ويذكر محاسنه القليلة جداً دون الالتفات إلى مظاهر القمع والفساد الكثيرة. وهى نفسها العقدة التى تفرعت منها واشتهرت بـ"عقدة/متلازمة ستوكهولم"، وقد جاءت التسمية نسبة إلى حادثة حدثت فى ستوكهولم بالسويد، عندما سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين هناك فى عام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفى البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم حتى بعد إطلاق سراحهم!.
يا جماعة، وما لكم حلف على، العقدة عربية، يعنى الغرب أول مرة "يُلطش" حقنا الذى طلع من أهمه عُقدُنا! وبعدين العقدة "خشّت" عندهم فى سبعينيات القرن الماضى، أما عندنا فمنذ قرون خلت، هى وغيرها من العُقَد علينا هطلت، فهزّت كياننا ورَبَت!
وبكرة "الربيع" بكرة!

• كاتب بحريني






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة