صفحات هذه الجريدة تطلب منك اليوم أن تفرح وتبتسم وتضحك.. تطلب منك اليوم أن تأخذ فى كفك من الدنيا شوية أمل لعلهم ينقذونك من الضغط المرتفع والسكر والتوتر، ولعلهم ينفعونك يوما تزحف آثار الشيخوخة نحو عدادك العمرى وملامحك الجسدية والنفسية.
افرح حتى ولو أصبح الفرح غاليا، اشتره بأى ثمن، وأرخص الأثمان بالنسبة لنا نحن أهل مصر المحروسة التى تصرخ جيوبنا من وجع الفراغ كل منتصف شهر، هو أن نغلق الأبواب التى تأتينا منها ريح الإزعاج والتوتر لكى نستريح.
اشترِ الفرحة بأرخص الأثمان.. اشترها بصلة الرحم، والابتسام فى وجه جارك، وإلقاء لفظة «كل عام وأنتم بخير» على كل من تقابله فى الشارع، قبل أن تفكر إن كان يستحقها أم لا، اشترِ الفرح من أى مكان وبأى سعر، ولأن جيلى هذا الجيل الذى صنع ثورة ثم تاهت منه أصبح محبطا مهموما مغموما، فلا بد أن يستغل العيد ويملأ كفوفه بالكثير من أمله وفرحته بأى طريق، وأسهل الطرق لجيلى هو الذكريات. عد إلى حيث العيدية الأولى، وإلى حيث توجد لحظات إثارتك وانبهارك واندهاشك وقت عرض الفيلم الهندى عصر ثانى أيام العيد، تذكر كيف كانت مؤشراتك العصبية تأخذ وضع الاستعداد حينما يقرر تليفزيون الدولة أن يهاديك بفيلم لأميتاب باتشان «مارد أو التوأمان» أو غيره، وتذكر إعلانات «جيرسى» حينما كانت «واكلة الجو»، وتذكر فرحة صلاة العيد بجوار جدك أو والدك وسعادتك بأول بالونة أو ورقة نقدية جديدة من اللى بتدبح.
تذكر موسيقى رأفت الهجان، وكيف حلمت مرارا وتكرارا أن تعمل جاسوسا لمصر داخل تل أبيب، ليس فقط من أجل الوطن، ولكن من أجل إستر وسيرينا أهارونى وباقى جميلات تل أبيب اللاتى وقعن فى هوى ديفيد شارل سمحون.
افرح يا ابن جيلى وتذكر تراقصك على نغمات إعلان لومبو مصاصة.. لذيذة لذاذة، وأمنايتك باقتناء الكوتشى اللى بينور، تذكر كيف كانت أحلامك بسيطة وعميقة وهدفها الفرحة قبل كل شىء، تذكر تلك اللحظة التى كرهت فيها أهلك لأنهم رفضوا أن تحلق شعرك كابوريا على طريقة أحمد زكى، وتذكر كل الخطط والترتيبات والتجهيزات التى كنت تقوم بها من أجل اختيار اللحظة المناسبة لتمرير يدك فى المسار الذى يسمح لها بأن يلامس يد زميلة المدرسة أو صديقة النادى، أو تلك التى نجحت فى «تعليقها» عن طريق التليفون والإنترنت حينما كان فى بداية ظهوره.
افرح حتى ولو كان الطريق إلى الماضى هو الفرحة، اعتبر السابق والتالى من الكلام كما تعتبره، بس الأهم أن تكون على يقين بأن هدفى الأول هنا هو ضمان عيد سعيد وطيب لك ولأهلك ولأحبائك، بعيدا عن أى أفكار قد تعكر صفو إجازتك وانفرادك باللحمة، إن كنت ممن باعدت بينهم وبينها فترة الكيلو «أبو90 جنيه».
وحتى تكتمل فرحتك لا تفكر فى أى شىء يخص الرئيس أو رئاسة الوزراء، أو قراراتهم المتضاربة والمتناقضة، ولا تشغل بالك بالصراع حول التأسيسية أو تصريحات حمدين أو الكتاتنى أو العريان أو البرادعى.. اليوم يوم عيدك أنت، ولا شىء أهم من فرحتك وفرحة أهلك وأحبائك.. انطلق واستكشف مناطق راحة البال، وفرحة العيد القديم، ولا تسمح لنقاش سياسى أو خبر حكومى رذل أن يعكر عليك صفو تجمعك بأهلك وأحبائك.. فتلك لحظات لا يمكن أن يعوضها شىء حتى لو أخبروك بأن مشروع النهضة حقيقة، وليس مجرد حلم انتخابى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة