د. حامد طاهر

نفاق كل العصور

الجمعة، 26 أكتوبر 2012 10:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحتل الحديث عن النفاق فى القرآن الكريم مساحة لا بأس بها، وهو لم يظهر إلا بعد أن هاجر الرسول (ص) إلى المدينة، وبدأ فى تكوين الدولة الجديدة، التى قامت أساسا على المسلمين من المهاجرين من مكة، والأنصار من المدينة، بعد أن تم التآخى بينهم، لكن جماعة من أهل المدينة، ومن حولها من الأعراب أظهروا الإسلام، وأبطنوا الكفر، وهؤلاء كانوا أخطر على المسلمين من المشركين أنفسهم، لأنهم كانوا يعيشون بين المسلمين ويعرفون كل تحركاتهم، لذلك راحوا يكيدون لهم، ويبثون بينهم الإشاعات المغرضة، ويثبطون هممهم، ويعلقون على كل حدث يجرى بصورة سلبية لتكريس اليأس فى قلوب المؤمنين.. وقد بين القرآن الكريم مواقفهم فى أكثر من حادث وحادثة، ونبه الرسول (ص) والمؤمنين إلى خطورتهم، بل إنه توعدهم بأنهم سيكونون يوم القيامة (فى الدرك الأسفل من النار).. أى بعد المشركين أنفسهم!

والسؤال الآن: ماذا كانت مكاسب النفاق فى هذا العهد البعيد؟ كان المسلمون إذا انتصروا يسارع المنافقون باعتبارهم مسلمين ظاهرا لكى يقتسموا معهم الغنائم، أما إذا بدأوا الاستعداد للحرب تراجعوا مقدمين الأعذار المختلفة لعدم اشتراكهم معهم، فإذا انهزم المسلمون راحوا يتشفون فيهم، ويشمتون بهم، والخلاصة أنهم كانوا بتعبيرنا الحالى ممن يمسكون العصا من المنتصف، يميلون مع الحق عند انتصاره، ويتراجعون عند هزيمته!

أما النفاق بعد ذلك، فقد اتخذ شكلا آخر، وإن ظل مضمونه مستمرا، فهو يعنى محاولة بعض الأشخاص التزلف لصاحب منصب أو ثروة بغرض الحصول منه على بعض المكاسب أو الغنائم.. فإذا انتهى المنصب أو راحت الثروة انفضوا عنه، وذهبوا إلى شخص آخر.

إن التشابه بين نفاق الأمس واليوم يتمثل فى أنهم جميعا متلونون، يجيدون إخفاء نواياهم، ويظهرون عكسها تماما، كذلك فإنهم مخادعون لا يخلصون لمن يتعاملون معه إلا فى الظاهر فقط، بينما هم فى أعماقهم قد يبغضونه أشد البغض، وأخيرا فإنهم لا يتوقفون عن ممارسة النفاق طوال حياتهم، وقلما يتوبون أو يعتذرون، وكأنما خلقت جيناتهم من تلك الطبيعة الخاصة التى لم يستطع علم النفس حتى الآن أن يقف على دوافعها العميقة.

لاشك أن المنافقين الجدد يكسبون فى كل العهود، ولكن ذلك يحدث دائما على حساب المجتمعات التى يعيشون فيها، وأسوأ أنواع النفاق هى التى تحيط بالحاكم، الذى يزين له المنافقون من حوله كل ما يقوله أو يفعله، حتى يعتقد بأن قوله الحق، وأن فعله هو الصواب، وبالتالى فإن أى رأى أو فعل للآخرين يعد فى تصوره خيانة للوطن.. وقد حدث شىء من ذلك مع كل من عبد الناصر، ومبارك، مما أفسد الكثير من قراراتهما. أما المسئولون فى الدولة، فقلما يخلو كل واحد منهم من مجموعة من المنافقين فى إدارته، يمتدحونه على الدوام، وبلا مبرر، ثم يبعدون عنه الآخرين، لكى يحصلوا منه على كل الامتيازات الممكنة.. ونفس الحال مع أصحاب الأموال، الذين يزين لهم المنافقون التعامل مع كل المباحات، وكذلك الممنوعات، وما أسرعهم لإغرائهم بالتخلص من الضرائب الواجبة عليه باستخدام الرشوة، وشراء ذمم الموظفين !

المنافقون دائما يكسبون. أجل، أما الخاسر فهو من يستمع إليهم، ويقربهم منه، ويرفع قاماتهم من حوله حتى تغطى على رؤية الناس من حوله! إنهم أشبه بالنباتات الطفيلية التى تنمو وتلتف حول النبات الجيد حتى تتلفه وتسقطه، وهم أشبه بالسرطان الذى يظل ينتشر فى الجسد موهما صاحبه أنه فى أطيب صحة، وأحسن حال بينما هو يتداعى وينهار!





مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

بو ناهية

و ماذ عن النفاق ف عهد السادات

عدد الردود 0

بواسطة:

نشأت محمد

صدقت المحترم بو ناهية تعليق 1

عدد الردود 0

بواسطة:

السرحى

النفاق موجود مع مرسى أيضا

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد بيضحك

منافقون اليوم

عدد الردود 0

بواسطة:

مضطفي

1,2,3

تحية الي التعليقات 1,2,3 وشكرا للكاتب

عدد الردود 0

بواسطة:

الربيع العربي

إلى رقم 3 : يا عدو الحق ... مرسي رئيس جاء به 75 % من شعب مصر وشفيق ثلثا ما حصل عليه تزوير

عدد الردود 0

بواسطة:

د محمد مخلوف

تذكر نفسك

عدد الردود 0

بواسطة:

السرحى

ليس غريبا على الأخوان هذا الأسلوب فى تعليق رقم6

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة