سعيد الشحات

لمة العيد

السبت، 27 أكتوبر 2012 07:22 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى سنوات الصبا كنت أستغرب من تجمع كبار الأهل والناحية يوم العيد فى المضيفة انتظارا للعائلات الأخرى التى تجىء لتقديم التهنئة بالعيد، ثم يأتى الدور على عائلتنا لترد التهنئة، وهكذا كان رجال العائلات فى حركة دائرية حتى ظهر اليوم، أما مصدر استغرابى فكان مبعثه، أن هؤلاء لا يستمتعون بالعيد كما نستمتع نحن به، وفيما بعد أدركت قيمة هذه العادة، فهى فرصة للقاء لا تعوضها فرص أخرى، كما أنها مناسبة لمناقشة العديد من المشاكل العائلية، عبر التواجد فى ديوان يلم الجميع، ومن خلالها قد تقضى حاجة محتاج، وقد تنهى خصومة، وقد تجمع مالا على سبيل التبرعات لمصلحة عامة تهم الناحية أو العائلة أو البلد.
الأعياد لها مذاق خاص فى القرى، بالرغم من كل التحولات التى حدثت لها، فى القرية تعيدك الذكريات إلى سنواتك الأولى، بما كانت تحمله من مباهج تتمثل فى انتظار الصغار لعيدية الكبار، وارتداء الثياب الجديدة، ولقاء الأحبة، ومناقشات لا تنتهى فى كل شىء، وذبح الأضحية فى عيد الأضحى، كان كل شىء يسير على تلقائيته، فلا قوى سياسية تلعب فى هذا اليوم من أجل تحقيق المكاسب، وإنما ديوان العائلة والناحية هو صاحب الكلمة فى كل شىء.
على إفطار الصباح حيث تتزاحم الموائد باللحوم، يأتى موعدنا مع رجال عائلتى فى منزل كبيرها العم رضا عبدالرحمن نائب البرلمان السابق وشقيقه العم الحاج فتحى، تتزاحم المناقشات وتتعدد الآراء ونتبادل التهانى، وأعيد اكتشاف متعة الجلوس بين الكبار وتبادل النوادر الآتية من الماضى، وأعيد اكتشاف كم يعطى العمر حكمته، وأترقب الذين كبروا فأضافت لهم السنون تغيرات على قسمات الوجه، ومداخل النفس وتصرفاتها، أعيد اكتشاف الذين يتحدثون فى شؤون الوطن وهمومه، وكيف أضاف الواقع للكل هما عاما فوق همومه الشخصية.
فى قريتنا كما فى قرى مصر، يأتيك الشعور من شكوى الجميع بأن لا جديد قد جاء، فالشكوى من ضيق الحاجة كما هى، وكل من لديه ابن عاطل، يسألك إلى متى يظل الحال كما هو ؟ الحديث يشعرك بأن كل شىء مازال معلقا لغد سيأتى لكن لا أحد يعرف متى سيكون، ويبقى الصغار وحدهم يستمتعون بعيدهم، لكنك لا تملك إلا الدعاء لهم بأن يروا أياما أفضل من تلك التى رأيناها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة