الذين يشعرون بالتوتر والقلق والخوف من المستقبل المجهول، والسلطة المرتبكة لا تفلح معهم تلك التهم الإسلامية الجاهزة، والتى تصفهم مرة بالفلول، ومرة أخرى بالكارهين للمشروع الإسلامى، والراغبين فى تعجيز الرئيس، لأن مجرد التدبر فى واقعة «اختراق حاجز الصوت» التى أصابت القاهرة بـ«الخضة»، واضطرت الدولة لأن تخرج لتشرح وتوضح وتصرح، يدفعك لأن تنزع البطيخة الصيفى من تجاويف بطنك، وتبدأ فى القلق والانضمام لكتيبة الخائفين من المستقبل، خاصة حينما تحاول البحث عن رابط أو فارق ما بين ماحدث فى سماء القاهرة فجر رابع يوم العيد، وماحدث فى سماء مصر القريبة من ساحل البحر الأحمر والسودان ليلة 23 أكتوبر قبل العيد.
الأزمة هنا ليست فى تحديد هوية أو جنسية الطائرات التى اخترقت حاجز الصوت، كما أنها ليست فى تحديد نوعية المنتجات الحربية التى ينتجها مصنع «اليرموك» الذى ضربته إسرائيل فى السودان، الكارثة الحقيقية تكمن فى تفاصيل السؤال الذى يقول: كيف نجحت إسرائيل فى تنفيذ عملية تدمير المصنع السودانى بكل هذه الدقة، وكل هذا الصمت، دون أن تدرى مصر أو دون أن تأخذ السلطة المصرية أى رد فعل؟، كيف طارت الطائرات الإسرائيلية 4 ساعات فى الجو، لتدمر جزءا فى دولة شقيقة، دون أن تقلق منام السلطة فى مصر؟ ضع فى حسبانك أننا نتكلم عن دولة جوار، أو بمعنى أصح نتكلم عن دولة تشكل امتدادا استراتيجيا للقاهرة، وفقا لتصريحات الدكتور مرسى، بعد أن أصبح رئيسا لمصر ومع ذلك تعرضت هذه الدولة لقصف عسكرى من دولة نعتبرها نحن «دولة عدو»، ومع ذلك لم يصدر من السلطة المصرية تأفف، أو حتى بيان شجب، أو إدانة.. وطبعا لم يصدر توضيح واحد يرد على المعلومات التى تقول بأن الطيران الإسرائيلى نجح فى خداع منظومة الدفاع المصرية، حتى يصل إلى السودان ويدمر هدفه، ويعود بسلام لقواعده، وكأنه كان فى نزهة جوية.
أنا لا أشكك فى القدرات المصرية، ولا أملك أن أفعل ذلك، أنا فقط أطالب بحق الشعب أن يعرف إذا ماكانت أرضه أو سماؤه تم استغلالها فى الهجوم على دولة شقيقة أم لا؟، أنا فقط أريد أن أعرف إن كان الرئيس الذى يقضى وقته فى حضور المناورات الحربية، ويغلق شوارع المحافظات من أجل أن يسير موكبه الفخم بها، يدرك أن هناك بوادر حرب، أو اشتباكات تختار لها إسرائيل وإيران أرضا بعيدة عن عاصمتيهما.. أم لا؟
أنا فقط أسأل.. ألم تشعر السلطة فى مصر بالخجل من اهتمامها باختراق حاجز الصوت، وصمتها المخزى والمريب على غارة الطائرات الإسرائيلية على أرض السودان؟، ألم يشعر أهل النخبة من الليبراليين والإسلاميين بالخزى، وهم يطلبون تفسيرا لاختراق حاجز الصوت، ولا يشغلون أنفسهم بالسؤال.. لماذا تصمت مصر على انتهاك العدو الإسرائيلى لحرمة دولة عربية شقيقة، دون أن يصنع لمصر أى حساب أو اعتبار، وكأنه يطير بقواته فوق أو بجوار دولة تحولت إلى خيال مآتة؟
هل تريد أن تخاف قليلا؟! إذن دعنى أخبرك أن هذا القصف الإسرائيلى لأراضى السودان لم يكن الأول، وبالتأكيد لن يكون الأخير، ودعنى أذكرك أن مصنع السلاح الذى ضربته إسرائيل مصنع إيرانى؟، هل ترى الآن الخيبة القوية وهى تلوح من قريب فى الأفق.. الخيبة التى تتلخص فى أن دولة الجوار بها مصنع سلاح إيرانى، تضربه طائرات العدو الإسرائيلى، بينما أهل السلطة فى مصر، يغطون فى نوم عميق!!، والسودان تتحول إلى أرض جديدة لمعركة ستطول مصر، أو ستؤثر عليها حتما، خاصة فى ظل المعلومات التى تؤكد أن سفنا حربية إيرانية قد دخلت إلى موانئ السودان ليلة 29 أكتوبر، وبعدها بساعات عبرت سفن حربية إسرائيلية قناة السويس فى طريقها إلى البحر الأحمر.. هل من حقى الآن أن أسأل الدكتور محمد مرسى هو إيه اللى بيحصل فى مصر؟! ولماذا تفعل مثل مبارك وتصمت وترتبك أمام الغطرسة الإسرائيلية فى المنطقة؟