تسعى الجمعية التأسيسية إلى أن تنتهى من الدستور الجديد قبل إصدار المحكمة الدستورية العليا حكمها فى المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 والخاص بتشكيل الجمعية التأسيسية والذى صدر بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، وأصدر الرئيس قرارا بعودة البرلمان للانعقاد فى تحد لحكم الدستورية، وأثناء هذا الانعقاد أصدر الرئيس القانون المذكور، وهو الإجراء الذى وضع علامات استفهام حول دستورية هذا القانون الصادر من مجلس منحل بحكم الدستورية، فهل تتمتع الجمعية التأسيسية بأى شرعية؟ وهل يمكن بعد امتداد سهام الطعون إلى الجمعية التأسيسية من كل حدب وصوب بعد أن تصدر دستور مصر؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب الرجوع إلى حكم محكمة القضاء الإدارى بإحالة المادة الأولى من القانون 79 لسنة 2012 إلى المحكمة الدستورية، ففى متن هذا الحكم نجد أن المحكمة أكدت على عدم دستورية هذه المادة لأنها انتزعت الاختصاص الأصيل للقضاء الإدارى بالفصل فى المنازعات الإدارية، بما فى ذلك قرار تشكيل الجمعية التأسيسية الصادر من الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى، وهو المبدأ القضائى الذى ثبت فى الحكم الصادر بإلغاء الجمعية التأسيسية الأولى، ونشير هنا إلى نص الحكم، حيث قال كما أن ما تضمنته المادة الأولى المشار إليها من إخضاع القرارات المنصوص عليها فى تلك المادة للرقابة على دستورية القوانين والأعمال البرلمانية تشوبه كذلك شبهة مخالفة المادة «21» من الإعلان الدستورى التى صانت حق التقاضى وكفلته للناس جميعا، وحظرت النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، كما تشوبه شبهة مخالفة ما تضمنته المادة «47» من الإعلان الدستورى من أنه لا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شؤون العدالة، فالقانون رقم 79 لسنة 2011 والمسمى قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية صدر بعد انتخاب الجمعية التأسيسية بالفعل، وبعد أن باشرت عملها لمدة شهر تقريبا ولم يتضمن القانون أى ضوابط للاختيار وصدر قانون المعايير خاليا من المعايير، الأمر الذى يشير إلى أن وضع المادة المشار إليه كان بهدف منع محكمة القضاء الإدارى من نظر الطعون التى أقيمت لوقف تنفيذ وإلغاء القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية بعد أن حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية الأولى على الوجه المشار إليه فيما تقدم، وبعد أن تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية وأقيمت طعون عديدة ضده أمام المحكمة قصد من المادة الأولى المشار إليها تحصين القرارات الصادرة بتشكيل الجمعية التأسيسية من رقابة المشروعية التى تختص بها دستوريا محاكم مجلس الدولة، تفلتا من تلك الرقابة على وجه ينطوى على شبهة إساءة استعمال سلطة التشريع والانحراف فى استعمالها، وقد لجأ المشرع فى سبيل ذلك إلى إطلاق أوصاف على القرارات المشار إليها تخالف نوعها وكنهها وجوهرها غافلا عن أن طبيعة الأعمال القانونية تظل مرتبطة بحقيقتها فى ذاتها وليس بما يضفيه المشرع عليها من أوصاف غير صحيحة تتنافى مع أبسط قواعد الفهم القانونى ويعد استعمالها فى غير ما وضعت لها جرحا للحقيقة القانونية، نحن بالفعل أمام حكم كشف عن بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية وأن ما قيد المحكمة أن تحكم بهذا قانون باطل ومخالف للدستور أريد به حجب القضية عن المحكمة، الأمر الذى يوجب على المستشار الغريانى وهو القاضى الذى جلس على مقعد قاضى قضاة مصر أن يوقف أعمال الجمعية التاسيسية وألا يشارك فى التحايل الذى يتم على القانون والدستور لإخراج دستور لن يكون له حتى قيمة الورق الذى كتب عليه، وهو مرفوض شعبيا من قطاعات كبيرة من الشعب المصرى ويهدد استقرار مصر، فبدون التوافق على الدستور والتوافق على جمعية تأسيسية تعبر عن كل طوائف الشعب المصرى فلن تحصل على الشرعية.