فى عيد الأضحى سافرت إلى قريتى فى قلب صعيد مصر، لاحظت تغييرا إيجابيًا فى مستوى النظافة، حيث انتشرت ولأول مرة منذ أن وعت عيناى صناديق جمع القمامة فى جميع الشوارع، وهى صناديق نظيفة و"شيك"، يجمع فيها أهل القرية قمامتهم، ثم يأتى عمال مجلس القرية فى آخر النهار لجمعها فى عربات مخصصة لذلك، وحينما سألت عن صاحب الفكرة، قالوا: "اللجان الشعبية"، فعاودت السؤال، ومن هؤلاء؟ فكانت الإجابة إنهم مجموعة من شباب القرية ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، ويقومون بالكثير من الأعمال التى نالت إعجاب الكثير من أهالى القرية مثل الإشراف على عملية توزيع أنابيب البوتاجاز التى كانت تمثل مشكلة كبيرة وصداعًا مزمنًا فى رأس أهالى القرية الباحثين عنها دون جدوى، أما الآن فأصبحت الأنابيب متوفرة وتغطى احتياجات المواطنين، حتى أن هذه اللجان أعادت حمولة كاملة من الأنابيب كانت مخصصة للقرية، وطلبت تحويلها إلى مكان آخر يعانى نقصا واحتياجا، لأن الأهالى لديهم ما يكفى احتياجاتهم الشهرية..
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عرفت أيضًا أنهم يشرفون على عملية توزيع الخبز بالعدل بين الناس.. سمعت مثل هذا الحديث من أكثر من شخص، وفى أكثر من قرية مجاورة لقريتنا، وعرفت أن الناس يمتدحون هذا العمل، ويشعرون بالامتنان لهذه اللجان الشعبية الإخوانية إن صح التعبير، ويقدرون ما يقوم به هؤلاء الشباب من مجهود تطوعى كبير، غير أن هذا الامتنان الشعبى، يقابله امتعاض رسمى من جانب بعض المسئولين داخل القرية خاصة مفتشى التموين، الذين بدأوا يشعرون بأن هذه اللجان تتدخل بشكل سافر فى عملهم، وفى بعض الأحيان تملى عليهم ما يقومون به، وأن الأمور تتعدى فى مرات كثيرة مجرد المساعدة والتنظيم إلى القيام بالعمل نفسه فى حضور المسئول الأول عنه، والمكلف رسميا من قبل الدولة بأدائه.. الغريب فى الأمر أن هذا الرفض الرسمى لا يتجاوز حد الهمهمة والامتعاض، والسر أن هناك تعليمات عليا مشددة شفهية ومكتوبة توصى مجالس المدن والقرى بالتعاون بشكل كامل مع هذه اللجان، وإشراكها فى كل الأعمال، التى تريد، والسماح لها بإبداء الرأى والنصيحة، والأخذ بها، وتنفيذ ما تريد ولو على غير رغبة المسئول.. أنا هنا أنقل ما سمعته نصا من بعض هؤلاء المسئولين.. ومن ثم اتوقف لأسجل ملاحظاتى على هذا السلوك الإخوانى:
- على الرغم من أن سلوكيات هذه اللجان محمودة، وتصب فى النهاية فى صالح المواطن، والذى بدأ حقا يشعر ببعض الرضا تجاهها، فإن الصورة المقابلة لذلك هى أن هذه اللجان باتت تشكل خطرا حقيقيا على مفهوم الدولة المؤسسية، وتستبدل العمل التطوعى، الذى يصب فى صالح جماعة بعينها لا فى صالح الدولة، بالعمل المؤسسى، الذى يعاقب ويثيب حسب أداء كل مؤسسة لعملها.
- أن ما رأيته مثل لى شكلا من أشكال "التمكين" الإخوانى، وسلوكا ممنهجا ومنظما للسيطرة على مفاصل الدولة فى أصغر صورها، وإعلاء مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة.
- السؤال الذى ظل يطاردنى هل لذلك علاقة بالانتخابات البرلمانية القادمة؟ هل تسعى الجماعة إلى كسب ود هؤلاء البسطاء بنفس طريقة زجاجة الزيت وكيس السكر؟ هل إذا قامت جماعة سياسية أخرى أو حزب سياسى آخر بنفس العمل، ستلقى نفس الدعم من المحافظين ونوابهم أم أن الأمر حكر فقط على جماعة الرئيس؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ملتزم
يقابله امتعاض رسمى من جانب بعض المسئولين داخل القرية خاصة مفتشى التموين
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
يبغى ان نشكر هؤلاء المتطوعين لا ان نتخوف منهم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصـــــرية
النهاية هتظهر اللعبة
عدد الردود 0
بواسطة:
glal
ممتعضين
عدد الردود 0
بواسطة:
m
عمل المجتمع المدني
عدد الردود 0
بواسطة:
MIDO SAAD
سؤال للكاتب الكريم
عدد الردود 0
بواسطة:
نور محمد
العمل المدنى
عدد الردود 0
بواسطة:
Dr. Walid Khier
نتيجة التقصير
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف محمود
اضافه