إسرائيل تضرب غزة بوحشية، لا تفرق بين مدنيين عزل وعسكريين نظاميين يواجهونها باعتبارها قوة احتلال، والعالم يتفرج، يتواطأ، يتغاضى عن دماء الأطفال والنساء الأبرياء التى تسيل بفعل الصواريخ الذكية وقصف الطائرات، وإذا ردت المقاومة الفلسطينية بالصواريخ المحدودة المجال والتدمير، تقوم قيامة العالم المتحضر وتهرع الكاميرات إلى تصوير المأساة التى حلت بالمدنيين الإسرائيليين.
القصف الإسرائيلى للقطاع، ليس مفاجأة للمراقبين ورجال السياسة وجرى بالتنسيق مع عدة دول توصف بالدول الكبرى، فنتنياهو يواجه أزمة على مستوى تحالفاته السياسية وهو على مشارف انتخابات جديدة، امتدت إلى حزبه نفسه، بعد أن تخلى عنه حلفاؤه باستثناء أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الحالى والمتطلع لوزارة الدفاع فى تشكيلة الحكومة الجديدة، ولأن نتنياهو فى أزمة، فقد مارس خطته القديمة بالهروب إلى الأمام عبر تسخين جبهة غزة بحرب محدودة، تعيد صورته وسط الناخبين المذعورين الفارين إلى الملاجئ باعتباره البطل اليهودى.
وكلما أراق نتنياهو المزيد من دماء الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة، حصل على مزيد من الأصوات فى الانتخابات المقبلة، وزادت فرصه فى عقد تحالفات مريحة تمكنه من تشكيل حكومة تصمد أمام طلبات حجب الثقة، وكلما هدم ودمر، استطاع ترميم شعبيته المتآكلة فى مجتمع عنصرى مرعوب لا يشعر بالأمان إلا وسلاحه مرفوع فى وجه الآخرين.
وإذا كان التواطؤ والانحياز للدولة العبرية هو الموقف الغالب على الدول الغربية الكبرى، فماذا عن الدول العربية والإسلامية؟
غياب التنسيق والتوحد هو الملمح الأساسى فى موقف العرب والمسلمين، الذين ينتظرون قيادة واعية قادرة على الحشد والتأليف، والعيون كلها تتجه إلى مصر باعتبارها الدولة القائدة، وإلى مرسى الذى يجب عليه ألا يكون مبارك جديدا، ولكن هذه الزاوية التى يتم حشر مصر ومرسى إليها فيها قدر كبير من الظلم للبلد وللرجل، فى ظل تبعية عربية وإسلامية مترسخة للإدارة الأمريكية.
ورغم أن ثورات الربيع العربى قدمت فرصة ذهبية لإعادة تشكيل المنطقة والنظر من جديد فى طبيعة العلاقات العربية الإسلامية بالولايات المتحدة فإن أشكال المقاومة وبعضها عربى للمد الثورى الجديد، أكد الارتماء العربى فى الحضن الأمريكى وأحيانا الإسرائيلى، ودفعت المواطن الفلسطينى وأخاه العربى ليطرح سؤالا: «أين المفر؟» باعتباره السؤال الوجودى الأول.