استيقظت مصر صباح السبت الماضى على عملية اغتيال لزهراتها وربيعها إثر حادثة قطار منفلوط التى أعادت للأذهان حادثة بحر البقر التى ارتكبتها إسرائيل عام 1970 عندما ألقى الصهاينة بقنابلهم على فلذات أكبادنا فى محافظة الشرقية وجاءت الحكومة اليوم لتقذف بإهمالها فى قلوب أمهات وآباء منفلوط وتدمى قلوب المصريين جميعاً عندما شاهدوا الأطفال الأبرار تسيل دماؤهم على عجلات القطار وكتبهم المزركشة بتعابير المستقبل والأمل تغتال بيد الإهمال والفساد وعدم احترام وتقدير الإنسان.
للآسف حكومات ما بعد الثورة لم تكن أحسن حالاً فى معالجتها للأحداث من الحكومات فى عهد المخلوع، فعلى مدار عامين توالت الحوادث وسالت الدماء ، ولم تفلح الحكومات "الثورية" فى إنقاذ الموقف، بل شهدت الفترة الأخيرة ارتفاع فى وتيرة الحوادث وزيادة الضحايا، واكتفى الرئيس محمد مرسى وحكومته بالتضحية بوزير النقل لتهدئة الأمور كما كان يفعل المخلوع، ثم يمر الموضوع مرور الكرام فى انتظار حادث جديد دون حدوث أى تغيير حقيقى فى قطاع السكك الحديدية والطرقات سواء من الناحية الإدارية أو تطبيق مبدأ الثواب والعقاب والقضاء على الفساد وخاصة أن معظم إن لم يكن كل الحوادث التى وقعت كانت نتيجة أخطاء بشرية، ولكن الحكومة الحالية أثبتت بالأفعال أنها أكثر سوء ممن سبقوها، فبدلاً من معاقبة المسئولين عن الحوادث والقائمين على قطاع السكة الحديد يتم ندب رئيس السكك الحديدية للعمل مستشارا للوزارة وكأن الدولة تمنحه الترقية تقديرا له على قتل المواطنين، كذلك كان الموقف بالنسبة لرئيس هيئة مترو الأنفاق الذى تم ندبه للعمل مستشارا فى وزارة النقل بدلاً من التحقيق معه لمعرفة أسباب الإضراب ووقف حركة المترو.
الغريب أن هذه الترقيات تأتى فى الوقت الذى تتشدق فيه الرئاسة والحكومة بضرورة التغيير والإطاحة بالفاشلين والفاسدين، فهل ترقية الفاشلين وتعينهم مستشارين هو التغيير الذى تبحث عنه الحكومة؟
لقد أصبحت الدولة شبة مغيبة، وغير قادرة على تغيير حياة العاملين إلى الأفضل وبتر الإهمال وقطع دبر الفساد، وفرض النظام فقد توقفت جميع خطوط مترو الأنفاق عن العمل بعدما رفض السائقين العمل وتم وضع أهم مرفق خدمى فى القاهرة تحت رحمة مجموعة من السائقين حتى تنفيذ مطالبهم سواء كانت عادلة أم غير عادلة، فقد أصبح تعطيل المرافق الخدمية أمر سهلاً لكل من يريد تغيير مديره أو زيادة راتبه، ولتذهب مصالح وحقوق المواطنين إلى الجحيم من أجل مطالب ومصالح فئوية عززتها الحكومة بسياستها العقيمة، فى ظل عجزها عن وضع خطط حقيقة للنهوض بالمجتمع، فقطارات المترو الآن فى معظم دول العالم تعمل بدون سائق وجهاز المترو بأكمله يدار من خلال غرفة تحكم مركزية، ولكن الحكومة المصرية لا تبحث عن البدائل والتطوير ورفع مستوى العاملين بل تلجأ للتفاوض دون خطط بديلة لذلك تخرج مهزومة بالضربة القاضية فى كل إضراب ولا تملك سوى الاستسلام ورفع الراية البيضاء والإقرار بالهزيمة، حيث تؤكد الوقائع المختلفة أن الحكومات المصرية مفاوض فاشل، خسر كل قضايا التحكيم مع المستثمرين والآن تخسر قضايا العمال أيضا، بل تحارب ضد أحكام القضاء بعودة الشركات التى تم بيعها إلى الدولة مرة ثانية وكأنها لا تريد أن يعود الحق إلى أصحابه ولا ترغب فى تحمل المسئولية، وبعد هذا الفشل المستمر نخشى أن تعين الحكومة وزير للتفاوض ويصبح أحد انجازاتها الكبرى.
نتمنى أن تحظى فجيعة منفلوط بهبة قوية على غرار هبة الرئاسة والحكومة والتيارات الشعبية لنصرة غزة أم أن شهداء غزة أغلى من فلذات أكباد الوطن؟ وأن يكون هذا الحادث بداية التغيير الحقيقى فى أداء السكك الحديدية ووقف نزيف الدماء على الطرقات بدلاً من تحميل كل أخطائنا وفشلنا على النظام البائد، وأن تملك الحكومة الشجاعة فى إعلان مسئوليتها عن الحادث وتقديم استقالتها حياء على ما اقترفته فى حق المصريين من آثام وما أصابهم من آلام بدلاً من الاختباء خلف وزارة النقل "وزارة الكوارث" وتحميلها وحدها المسئولية والإطاحة بوزيرها وكأنه يعمل بمعزل عن الحكومة وكأن رئيس الوزراء لا يدرى ماذا يحدث فى السكك الحديد ومن يغتال أطفال مصر وربيعها، فإذا كان يعلم والتزم الصمت فيجب أن يعاقب وإذا كان لا يعلم فالمصيبة أشد والعقاب أعظم، ولكن يبدو أن مصر لازالت تعيش فى جلباب مبارك فالكبار يفلتون من العقاب ولا يتحملون الأخطاء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رامي سالم صحفي
حرام
الجميع يشارك في اغتيال مصر ياصديقي كل على هواه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
مصر
مصر