«فى الإنجيل المقدس آية تقول: «لا يوجد تلميذ أفضل من معلمه» تأملت هذا النص بقلبى ودموعى وأنا أشاهد دموع قداسة البابا تواضروس الثانى وهو يواجه تواضع معلمه حينما قال: «صرت تلميذه وخادمه - يقصد البابا - وسأجلس تحت قدميه لأننى صرت ابنه». ما أنبل تلك اللحظة التى انبثقت فيها روح المحبة من قلب الكنيسة أمام هيكل الله، فى مواجهة قاعة الكنيسة التى تقدمها كل فرقاء الوطن من فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن البر مفتى جماعة الإخوان المسلمين وصولاً إلى أمير السياسة المصرية وقائد التيار الشعبى حمدين صباحى، مروراً بمهندس الحداثة الدكتور محمد البرادعى والسياسى الدبلوماسى الدكتور عمرو موسى. وابتلعت دموعى وأنا أتذكر شعر صديقى الشاعر اللبنانى شوقى بزيع وهو يقول: «كأنما أمةً فى شخصك اجتمعت وأنت وحدك فى صحرائها المطر».
ترى لماذا لم ينجح هؤلاء «الأسباط» فى الاتفاق على الدستور مثلما اتفقوا على هذا الحدث وذلك الشخص؟ أم أن الجماعة المصرية لا تجتمع إلا فى الأفراح والملمات ؟ اللهم ارسل لنا حرباً أو كارثةً لكى تجمع شمل أمتك!!
كلمة الأسباط جعلتنى أتذكر صراع الإخوة الأعداء ولماذا ألقى أولاد النبى يعقوب أخاهم يوسف فى الجب؟ هل كانوا يتصارعون أيضاً على القيادة والرئاسة، أم أنهم كانوا يتصارعون على قلب أبيهم؟ أشك أن أحفاد يعقوب الآن يعرفون على ماذا يتصارعون، ومن يوسف الصديق إلى يوسف الحسينى الجميل أيضاً ابن أستاذى ومعلمى الحاضر الغائب «مصطفى الحسينى»، تذكرت أستاذى وهو يساعدنى فى وضع أسئلة أول حوار مع الراحل الكريم البابا شنودة الثالث، ركز معلمى وأبى الروحى الفارس مصطفى الحسينى على الإنسان قبل الأديان، القلب قبل الطائفة، آه أيها الفارس النبيل كنت أرى بعيونك الثاقبة «عيون البصيرة» التى وهبتنى إياها ما لا يراه الآخرون بأبصارهم. ومن يوسف النبى إلى يوسف المتنبئ والوريث، افتقدت ضحكة أمير الصباح الإعلامى البارز يوسف مصطفى الحسينى التى كنت افتتح بها يومى، عرفت أنه خرج عفياً من حادث حطم سيارته وكاد يحطم معنوياته، تابعت صلوات التجليس وأنا أدعو ليوسف الحسينى أن يعود إلى ضحكته ورؤية أبيه الثاقبة التى كانت تشع من بريق عينى حوارات الابن. لا يوجد تلميذ أفضل من معلمه، القائمقام الأب باخوميوس يلبس ابنه البابا تواضروس الزى الباباوى الذى يجعل من الابن أباً لأبيه، تذكرت أبى - رحمه الله - وكيف ألبسنى بدلة الفرح، وكان قد خرج إلى المعاش ونظر إلى قائلاً: «خلاص انت بقيت راجل البيت»، تذكرت أبى الروحى مصطفى الحسينى «زرقاء اليمامة» وهو يهدينى آخر كتاباته ويلقبنى بالأستاذ سليمان، ارتعشت دموع قلبى ودعوت الله بالتوفيق للبابا تواضروس الثانى وبالرحمة لآبائى مصطفى وشفيق وشنودة، وتذكرت ضحكة يوسف الحسينى وتخيلته والضمادات تحاول أن تحجب عنا وجهه الجميل وضحكته النبوءة، ودعوت الله ألا تضيع منا هذه الضحكة فى زحام الوطن الباكى.