مع اشتعال الأزمات فى مصر - والتى وصلت بعضها إلى درجة الكوارث القدرية كما هو الحال فى حادث قطار أسيوط وكوارث مصنوعة ومدبرة كما هو فى أحداث شارع محمد محمود – أجد نفسى ميالا إلى أنه كان من الضرورى أن يحكم مصر الآن شخصية غير منتمية سياسياً وليس وراءها تيار سياسى سواء إسلامى أو يسارى أو ليبرالى، وأن مرحلة ما بعد خلع مبارك كانت لا تتحمل أن يكون رئيسها قادما من حضن جماعة سياسية يكون هدفها الأول هو أن تصبغ مصر بصبغتها السياسية كما هو الآن مع جماعة الإخوان المسلمين والتى تحاول منذ وصول أحد قياداتها وهو الدكتور محمد مرسى إلى سدة الحكم فى مصر، أخونة كل شىء فى مصر، مستخدمة فى ذلك كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لتحقيق الهدف فى أسرع وقت، وهو ما جعلها ترتكب من الأخطاء والخطايا ما جعل البعض يؤكد أن مصير جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لها لن يختلف كثيرا عن نهاية الحزب الوطنى المنحل ورئيسه المخلوع.
وأعتقد أن الورطة الحقيقية للرئيس مرسى هو ارتباطه بجماعة بالرغم من كونه ميزة له لكن هذا الارتباط يجعله يتحمل هو أخطاء قياداتها صغيرهم وكبيرهم وهو ما يحدث الآن، فالجماعة التى تتبنى الآن نفس المنهج الذى كان يتبعه قيادات الحزب الوطنى المنحل فى تعاملها مع ما يجرى من أحداث فى الشارع السياسى خاصة من يختلفون معهم، حتى إننى أصبحت لا أفرق بين طريقة تعامل الدكتور عصام العريان أبرز قيادات حزب الحرية والعدالة – حزب الرئيس - مع خصوم الحزب والجماعة وما كان يفعله المرحوم كمال الشاذلى والأستاذ محمد رجب قيادات الحزب المنحل حيث اتصف كلاهما بالشراسة والدفاع بالحق والباطل عن حزبهم ورئيسهم المخلوع حسنى مبارك.
والنتيجة الطبيعية لخطايا أعضاء حزب الرئيس مرسى هو إعلان عدد كبير من القوى السياسية من المعارضين لسياساته مرسى وجماعته الخروج اليوم فى «جمعة الغضب» والتى تتشابه أجواؤها مع جمعة 28 يناير التى أعقبت انتفاضة 25 يناير فالدماء سائلة فى ميدان التحرير وهناك قتلى ومعركة عبثية بين متظاهرين وقوات الأمن، وعلى الرغم من تحفظى على ما يحدث الآن فى شارع محمد محمود فإن التصعيد الآن ليس فى صالح مرسى ونظامه وحزبه وجماعته وهو ما يجعلنى أراهن على أن جمعة اليوم ستكون البداية الحقيقية لانهيار النظام الحالى، ورئيسه محمد مرسى الذى وقع فى نفس جريمة مبارك عندما تفرغ لتوريث الجماعة حكم مصر، وإذا كنا قد هاجمنا وانتفضنا ضد مبارك وخلعناه بسبب تفكيره فى توريث عرش مصر لابنه جمال، فإننا لن نتردد فى استخدام نفس الطريقة ضد مرسى لإسقاطه.