أكرم القصاص

موت السياسة.. وعبور الحاجز النفسى

الجمعة، 23 نوفمبر 2012 07:13 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى التأسيسية، ومحمد محمود، فى البنزين والقطار، يقف طرفان فى مواجهة بعضهما.. السلطة والمعارضة. السلطة، سواء حكومة أو حزب الحرية والعدالة أو الرئاسة، تقف فى مواجهة المعارضة التى كان بعضها حليفا بالأمس، وأصبح خصما.
فى برامج الحكومة ترى المعارضة أن حكومة قنديل تفتقد الخطط، وتقدم برنامجا إنشائيا بلا جديد، وكأننا فى حالة طبيعية، وتريد إقناع الناس بقبول القرض الخارجى، وتعديل الدعم، وتتبنى سياسات كانت مرفوضة أيام مبارك، وتكرر خطاب حكومات الحزب الوطنى.
فى حادث القطار كانت الحكومة تفتقد الرؤية فى مواجهة كارثة ضخمة مثل أسيوط، وقبلها تصام قطارى الفيوم، وتعاملت بنفس طريقة النظام السابق، ولم يتحمل أحد المسؤولية.
فى مواجهات محمد محمود وإطلاق النار على المتظاهرين، تم ترك المواجهات حتى وصلت للصدام، وسقوط ضحايا من الرصاص والغاز.
ولم تظهر مبادرات تمنع الصدام، وكانت المفارقة أن تنجح مصر فى منع العدوان على غزة، وتفشل فى منع الصدام فى محمد محمود، أو فى الجمعية التأسيسية للدستور، والتى وصلت إلى طريق مسدود، بانسحاب القوى المدنية، وفشل الأغلبية فى التوصل إلى توافق من أى نوع.
على الطرف الآخر، فإن السلطة، سواء الرئاسة أوالحرية والعدالة، تلخص الخلاف فى مؤامرة على الرئيس والحزب والجماعة والبلد، وتضع المعارضين فى سلة واحدة، ومنهم حلفاء سابقون.
قيادات الحرية والعدالة يدافعون عن حكومة قنديل وبرامجها وسياستها، وأنها تعمل فى ظروف صعبة، ولا تمتلك عصا سحرية، وأن المعارضة تطلب المستحيل، ولا تراعى الظرف العام للبلاد، وفى حادث تصادم القطار وكارثة أسيوط ترى أن المعارضين يتاجرون بالحادث لإحراج الرئيس والحكومة.
وترى أن ما يجرى فى محمد محمود من مواجهات هو جزء من مؤامرة على الأمن، وعلى الدولة، تقودها أطراف تتحالف مع النظام السابق.
وفى أزمة الجمعية التأسيسية، يتبنى «الحرية والعدالة» نفس منطق المؤامرة، ويرى أن المنسحبين يريدون إفشال الجمعية، وعرقلة التوصل إلى دستور يقود البلاد للاستقرار، وأحيانا يقلل المشاركون من قيمة المنسحبين، ويرونهم أقلية لا تعبر عن الشارع.
والنتيجة أننا أصبحنا أمام حالة من الانسداد السياسى، وغياب القدرة على الحوار وتقبل وجهة نظر أخرى، ويقع العبء الأكبر فى مثل هذه الأزمات على السلطة، أكثر من المعارضة.
دور السياسة هى التقريب بين وجهات النظر، والمبادرة لامتصاص التناقضات، وأن يقف الرئيس على مسافة متساوية من الأطراف، بصفته رئيسا للكل، وليس لفصيل أو تيار، وأن يكون قادرا على تقبل وجهة نظر المعارضة، وأنها ليست بالضرورة مؤامرة.
ثم إن تبنى نظرية المؤامرة والدولة العميقة، والنظام السابق، لاتكفى لتفسير حالة الانسداد السياسى. كنا نتحدث عن موت السياسة فى نظام مبارك، والاستهانة بما تقوله المعارضة واعتبارها أقلية غير مؤثرة، وهو ما أثبتت التجربة خطأه. ونحن فى حاجة لأن تقتنع السلطة بأنها لن تكون قادرة على تسويق برامجها دون نتائج على الأرض، وهذه النتائج نفسية أولا.. هناك حاجز نفسى يحتاج إلى إبداع لعبوره.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة