كنت أظن أنه بخلع مبارك وانهيار نظامه - عقب انتفاضة الشعب المصرى كله فى 25 يناير 2011 - فإن عبارة «الحاكم الفرعون» قد انتهت إلى الأبد من قاموسنا السياسى وأن الحديث عن استنساخ مبارك الفرعون مرة أخرى فى قصر الاتحادية هو نوع من الجنون والتخاريف.. لأننى أعتقد أن أى حاكم سيأتى بعد مبارك سيفكر مليون مرة قبل أن يتخذ أى قرار لأن هذا الحاكم هو مجرد موظف لدى هذا الشعب.
ولكن وبعد الجريمة التى ارتكبها الدكتور محمد مرسى أول رئيس منتخب بعد خلع مبارك والمتمثلة فى إصداره الإعلان الدستورى الأسود والمشبوه والذى حول مرسى من حاكم إلى فرعون ليعيد للأذهان مرة أخرى صورة مبارك المخلوع، وظهر ذلك فى خطاب الفرعون مرسى لأنصاره يوم الجمعة الماضية أمام قصر الاتحادية حيث استخدم كل المصطلحات والعبارات التى كان يستخدمها مبارك المخلوع ونظامه ضد معارضيه فالفرعون مرسى الذى يستقوى على شعبه بجماعة محظورة اسمها الإخوان المسلمين لم يجد غضاضة أن يصف كل معارض له ولقراره الأخير بأنه بلطجى وأنه فلول بالرغم من أن %90 من المعارضين للإعلان الدستورى لمرسى هم من أوائل من ذهبوا لميدان التحرير وكل ميادين مصر يوم 25 يناير 2011 وهتفوا بعبارة «الشعب يريد إسقاط النظام» فى الوقت الذى كان مرسى وجماعته يقومون بإجراء الاتصالات السرية مع رموز نظام مبارك ليؤكدوا لهم بأنهم لن يخرجوا فى تلك المظاهرات ولكن سبحان مغير الأحوال انقلب مرسى وجماعته على الجميع ووصل الأمر إلى أن يرسل الدكتور مرسى برسائل تقدير إلى عدد من معارضيه، بعد أن نصحه مستشارو السوء بذلك خاصة أن توابع الإعلان الدستورى كانت قاسية حيث لم يكن فى اعتقاد مرسى وجماعته أن يثير هذا الإعلان الفضيحة كل هذا الغضب والمعارضة والتى ظهرت بشكل كبير فى «جمعة الغضب» وسوف تشتعل أكثر يوم الثلاثاء القادم فى مليونية جديدة هى بمثابة «مليونية الإنذار الثانى فى عرش ونعش» لمرسى حتى يتراجع ويلغى هذا الإعلان الدستورى والذى بعد عاراً على حاكم جاء بالصندوق ليحول نفسه فجأة إلى فرعون جديد يرتكب نفس الجرائم التى ارتكبها مبارك بداية من احتقاره للقضاء ومروراً بقتل المتظاهرين واعتقالهم وتعذيبهم وسحلهم داخل أقسام الشرطة.. وكأنه لم يكن هناك انتفاضة ضد حاكم اسمه مبارك وأن كل الذى تغير هو استبدالنا مبارك بمرسى والحزب الوطنى بحزب الحرية والعدالة والإخوان ولهذا فإن أغلب من خرج فى «جمعة الغضب» كان يهتف نفس الهتافات التى ترددت فى 25 يناير 2011، ولو استمر مرسى على عنادة وتجبره فإن هذا الشعب لن يرحمه ومصيره لن يختلف كثيراً عن سلفه مبارك.
ولهذا فإننى أدعو الدكتور مرسى أن يعود إلى رشده ويلغى هذا الإعلان الدستورى الفضيحة وأن يقدم اعتذارا للشعب المصرى وتعهداً بعدم تكرار مثل هذه الألاعيب السياسية التى لا تخدم استقرار الوطن ولكنها تصدر فى الأساس لصالح عيون المرشد والشاطر والعريان وجماعتهم المحظورة حيث الولاء الأول لها أما الشعب المصرى من وجهة نظر الدكتور محمد مرسى، فإن الولاء له يأتى فى الدرجة الثانية.