من بين كل الوجوه فى أزمة الرئيس والإعلان الدستورى، سوف يتوقف كثيرون، عند موقف عدد من مستشارى ووزراء الرئيس مرسى، ممن انخرطوا فى تبرير عدوان على الشرعية باسم الشرعية، وتعد على مبادئ الثورة باسم الثورة والشهداء.
لا نقصد كونهم يساندون الرئيس، فهذا دور المستشارين، أن يقدموا النصيحة والخبرة، فى رسم السياسات للوطن كله وليس لجماعة أو تيار، وألا يورطوه فى قرارات أو سياسات ضد المنطق أو القانون أو الصالح العام.
لكننا نرى زحاما من المستشارين، يتعثرون فى بعضهم، وكل منهم يناقض غيره، فنرى بعضهم يعترف بأنه لم يعرف شيئا عن الإعلان الرئاسى، قبل صدوره، وأنه «مستشار ماشافش حاجة» والنتيجة أنهم يعجزون عن تبرير الإعلان الرئاسى، وبعضهم يتبنى مباشرة أو بشكل غير مباشر اتهام كل معارضى الرئيس بالعمل لصالح جهات أخرى خارجية أو داخلية، ومن يسعون لموقف متوازن، يضطرون لتبرير التسلط.
وهناك حالة من العناد والصلف تتملك بعض المستشارين وتجعلهم يجملون القبيح ويدافعون عن الباطل، وعلى رأس هؤلاء المستشار جاب الله، الذى يقف من دون كل المستشارين مدافعا عن القرارات المتسلطة، بالرغم من كونه رجل قانون، تم تقديمه من البداية على أنه أقرب المستشارين للرئيس مرسى وجماعة الإخوان، وأنه صاحب الاقتراحات التى تقود للأزمة، صاحب نصيحة إعادة مجلس الشعب المنحل، وهو من أخرج مسرحية النائب العام الأولى، التى افتقدت السيناريو والإخراج الجيدين، وأيضا صحاب السيناريو الأخير للإعلان الدستورى، ونراه يدافع عن الإعلان، ويؤكد أنه لا تراجع عنه ولا قبول لمبادرات أو اقتراحات، وكأن الرجل يصر على دفع الرئيس إلى الصدام.
وقد يكون جاب الله حسبما يبدو ذا طموح سياسى، يريد احتلال مواقع كان يحتلها ترزية مبارك الكبار، وأن يقدم نفسه «تحت طلب» الرئيس والجماعة، لكنه تعجل كثيرا، ولم يستعب دروس شهور بعد الثورة، لم يعد الشعب فيها هو نفسه أيام مبارك، فالشعب خلال شهور تغير وأصبح قادرا على الوعى والفرز، واكتشف ببساطة، أنه لم ينتخب رئيسا للكل، وإنما انتخب جماعة لنفسها، والحقيقة أن جاب الله قد يكون معذورا بطموحه، لكن ما عذر رجل فى قيمة محمود مكى وأحمد مكى وغيرهم ممن كانوا فى صدارة تيار استقلال القضاء، والآن يصمتون على دهس كل المبادئ التى دافعوا عنها، ويشاركون فى طبخة مسمومة، فشل صناعها فى إقناع أحد، بينما بين من رفضوا الإعلان رجال قانون لا يمكن اعتبارهم من نظام مبارك، طارق البشرى ومجلس الدولة وقطاع من تيار الاستقلال، ونادى القضاة، اتفقوا على أن الإعلان منعدم، وأن الرئيس تعدى على الشرعية، ناهيك عن المحكمة الدستورية التى طالبت الرئيس بدليل على اتهاماته.
مستشارو الرئيس الذين استقالوا اعتراضا، رأوا أنه لا يمكن مواجهة آثار الاستبداد باستبداد أشد، وأنهم زينة وليسوا مستشارين، بينما يستمر مستشارون، اعترفوا بأنهم كانوا كالأطرش فى الزفة، يواصلون المشاركة فى تبرير الاستبداد ويساندون الرئيس وجماعته فى مواجهة الشعب.