الصدمة الكبرى هنا تتعلق بكمية الأكاذيب والإفك والتدليس والتضليل التى تمارسها مؤسسة الرئاسة التى يقودها رجل لا تنقطع أخبار صلاته عن الصحف والفضائيات ولا يمل هو من تذكيرنا بتدينه فى كل خطبه، ولا يكل من محاولات ربط طريقة حكمه بطريقة حكم الخلفاء الراشدين.
وما أعرفه من كتب الفقه والتاريخ أن الخلفاء الراشدين – رضى الله عنهم- لم يعرفوا للكذب أو التضليل طريقا، وكانوا يمتلكون الرجولة والشجاعة الكافية للدفاع عن قراراتهم ومواقفهم دون لف أو دوران أو حشد أنصار على خلفية مواجهة أعداء الدين والرسول.
الرئيس مرسى ومن حوله من مستشارين و«مبرراتية» يكذبون ويلبسون الباطل ثوب الحق، الإخوان يريدون من الناس أن يمنحوا مرسى شيكا على بياض وأطنانا من حسن الظن، رغم أن مرسى نفسه لم يمنح الشعب كرامة واحدة لكى يتجرأ ويطلب تأييده الأعمى والمطلق، فلا هو صدق فى وعد واحد قطعه على نفسه، ولا هو كف عن إطلاق الوعود الخائبة والتصريحات الوردية على طريقة حسنى مبارك ورجاله، ولا دليل على ذلك أبرز من خدعة الـ100 يوم الأولى ومشروع النهضة الذى اكتشف الجميع أنه أكذوبة كبرى وليس طائرا يطير فى سماء مصر كما قال لنا محمد مرسى من قبل.
فى أزمة الإعلان الدستورى الكذب نفسه خجل من إفك الدكتور مرسى وتضليله وتدليس أنصاره، الإعلان الدستورى الذى يمنح الرئيس صلاحيات فرعونية تجعله متحكما فى كل شىء وتحصنه من أى نقد أو اعتراض تقول عنه الرئاسة إنه مؤقت وتلك كذبة كبرى كشفها زميلنا الصحفى محمد بصل، ففى المادة الثانية من الإعلان الدستورى التى تنص على: «الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية، من توليه السلطة منذ 30 يونيو 2012 وحتى كتابة الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن خطأ تشريعى فج وفاجر لأنه جعل للمدة الزمنية الخاصة بها بداية بأثر رجعى وجعل لها نهايتين الفارق الزمنى بينهما كبير لأن النهاية الأولى التى هى كتابة الدستور تعنى نهاية عمل الجمعية التأسيسية وهو الأمر الذى سيحدث غدا أو حدث ليلة أمس بعد تصويت الجمعية على المسودة النهائية التى تم «سلق» موادها فى جنح الظلام، أما النهاية الثانية والتى تخص انتخاب (انعقاد) مجلس الشعب الجديد فسيكون بعد موافقة الشعب على الدستور بأربعة أشهر على الأقل. وإذا قلنا إن الاستفتاء على الدستور قد يستغرق شهراً فى أفضل تقدير، وبفرض أن الشعب وافق عليه ولم يرفضه سيتبقى أمامنا شهران على الأقل وربما أكثر بكثير فى ظل الغضب القضائى والامتناع عن الإشراف على الانتخابات والاستفتاء وظروف البلد الأمنية وبالتالى تكتشف أن تعبير «إعلان مؤقت وينتهى بعد شهرين» الذى يروجه «المبرراتية» داخل القصر الرئاسى يتكلم عن 8 شهور وأكثر يستطيع خلالها أن يفعل مرسى ما يحلو له فى البلد استنادا لهذا الإعلان غير الشرعى.
الكذبة الرئاسية الأكبر التى لا أعرف كيف يزور النوم عيون الدكتور مرسى وهو يكررها ويروجها تخص أن الإعلان الدستورى كان لازما لإجهاض المؤامرة التى كانت تخطط لها الدستورية العليا فى 2 ديسمبر للإطاحة بالرئيس، والكذبة هنا كبيرة وواسعة وساذجة لأن الدستورية أقصى ما يمكن أن تفعله هو حل الشورى والتأسيسية.. والرئيس يمكنه بالطبع تشكيل تأسيسية جديدة، أما بخصوص إلغاء الدستورية للإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى فى بداية حكمه ورحل على أساسه المجلس العسكرى فتلك كذبة أخرى لأن المحكمة الدستورية لا توجد بين أروقتها أى قضايا من هذا النوع، والقضية التى تخص إعلان مرسى السابق موجودة فى محكمة القضاء الإدارى ومحدد لها جلسة فى 22 يناير أى أن القضية أمامها أكثر من شهرين لكى تنتقل إلى الدستورية العليا..
كل هذا الكذب والإفك والضلال والفشل وتطلبون من الناس فى الشوارع أن تمنحه شيكا على بياض لحماية الوطن.. آسف نحن لا نملك شيكات جديدة من حسن النوايا لكى نمنحها للكذابين والمضللين.