عاصم الدسوقى

على أبواب حكم «المستبد غير المستنير»

الجمعة، 30 نوفمبر 2012 01:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو واضحا بما لا يدع مجالا للمراوغة أن زمن انفراد الإخوان المسلمين بالحكم قد أتى خلافا لما أخذوا يشيعونه بعد انتصارهم فى «غزوتى صناديق انتخابات مجلس الشعب»، وانتخابات رئاسة الجمهورية.

والحكاية ببساطة أن الرئيس مرسى المنتخب بمعرفة الإخوان وجهودهم وجد نفسه مسلوب الإرادة ورئيسا دون سلطة فى ضوء الإعلان الدستورى المكمل، الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 17 يونيو 2012 قبيل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة. ولهذا سرعان ما قام بإلغائه وأصدر إعلانا جديدا فى 21 نوفمبر الجارى حظر بمقتضاه جواز الطعن على قراراته منذ توليه الرئاسة فى 30 يونيو هذا العام. ولما كان الطعن على قراراته سيكون أمام القضاء بطبيعة الحال، فإنه بهذا يكون قد أمسك بالسلطات الثلاث فى يده، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأصبح لا معقب على كلماته. وهذا الانفراد بالسلطات الثلاث يعيد أمور الحكم إلى ما قبل قيام الحركة الدستورية فى العالم، حين كان الحاكم يرث الحكم عن آبائه وله سلطات مطلقة لأن دماءهم زرقاء وليست حمراء مثل عامة الشعب، مثلما كان يردد ملوك فرنسا قبل ثورة الشعب الفرنسى فى أواخر القرن الثامن عشر «14 يوليو 1789». ومنذ ذلك التاريخ تراجع الحكم المطلق الملكى فى العالم، وأصبح مقيدا بمقتضى الدستور لإقامة دولة القانون والعمل على التوازن بين طبقات المجتمع، وحتى يتجنب ملوك أوروبا غضب شعوبهم ولا يحدث لهم ما حدث لملك فرنسا «لويس السادس عشر». وهكذا فإن ما أقدم عليه الرئيس مرسى يعد سابقة لم تحدث من قبل فى العالم إلا فى فترة حكم هتلر فى ألمانيا «النازية» وحكم موسولينى فى إيطاليا «الفاشية» حين أخذ كل منهما تفويضا من البرلمان بإصدار قرارات لها قوة القانون لفترة غير محددة. وربما كانت أجواء التوتر الدولى آنذاك ونية موسولينى وهتلر لإعادة رسم الخريطة السياسية ثأرا من تسويات الحرب العالمية الأولى والدخول فى السباق الاستعمارى مسؤولة عن الانفراد بالسلطة، ولكن دون السلطة القضائية، وهى تلك الظروف التى انتهت بالحرب العالمية الثانية.

أما فى تاريخ مصر فلم يحدث انفراد بالسلطات الثلاث منذ صدر دستور 1923 على نحو ما فعل مرسى باستثناء قيام محمد محمود باشا عندما أصبح رئيسا للحكومة فى يونيو 1928 بتعطيل البرلمان، وإعادة العمل بقانون المطبوعات وتقديم أعضاء برلمانيين للمحاكمة، وتقييد حرية الطلاب فى العمل السياسى «قانون رقم 22 لسنة 1929»، فخلع عليه الشعب لقب «صاحب اليد الحديدية»، لكن تعطيله للبرلمان لم يكن يعنى احتكاره للسلطة القضائية.

وعندما قام الضباط الأحرار بالاستيلاء على السلطة ليلة 23 يوليو 1952 كما هو معروف، تم إلغاء العمل بدستور 1923 فى 10 ديسمبر 1952 ثم صدر إعلان دستورى فى 17 يناير 1953 يعمل به لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وفى نهايتها تم الإعلان فعلا عن الدستور الجديد «16 يناير 1956»، أما الإعلان الأخير الذى أصدره الرئيس مرسى فلم يحدد بمدة معينة. وفى تعليقه على الاعتراضات التى انفجرت ضده قال أمام مجلس القضاء الأعلى إنه إعلان مؤقت، لكن دون تحديد مدة، وتبرع آخرون نيابة عنه بالقول إن المقصود بالإعلان تحصين القرارات السيادية، فدخلنا فى دوامة تعريف القرارات السيادية وحدودها ومعناها ومبناها. ومثل هذه الشروح تعد من باب التبريرات لما حدث، وتؤكد حرص الإخوان على الانفراد بالسلطة لصالح «الدولة الدينية»، وإقامة «حكم المستبد غير المستنير» بتأييد الأنسباء والأصهار بين الإخوان الذين يزحفون على المواقع التنفيذية من كل نوع.








مشاركة

التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

مستشار سيد عبد المنعم

الأعلان الدستورى إستبداد أصغر لتمرير إستبداد أكبر و هو تمرير دستور مشوه لخدمة فصيل

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد عبد الباقى المحامى

الأستفتاء على الدستور مصيدة لكسب الوقت و إعتراف بقانونيته و لإعطاءه شرعية

عدد الردود 0

بواسطة:

علي حسنيين

للتاريخ وللمؤرخ

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد شرف

عبد الناصر الديمقراطي بالقوي

عدد الردود 0

بواسطة:

صـفـوت الـكـاشف

!!!!!!!! رئيسنا اللى حيلتنا !!!!!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

عمر الصديق

أملنا كبير في عقلاء مصر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة