هل أصبح الثوار عبئا على الثورة؟ الواقع يقول إن التيارات السياسية والدينية بمختلف أطيافها أصبحت حملا ثقيلا الوزن على الثورة والوطن معا، فبدلاً من تساهم هذه التيارات فى النهوض بالوطن وتعبر به تضاريس الفساد والماضى الأليم أدخلته فى صراعات وحروب كلامية ومصالح حزبية ضيقة واستنفذت قواه وزرعت فيه اليأس بعد أن كان مشبعاً بالأمل فى غدا أفضل، ومنحت الفلول الفرصة لممارسة تحركات خفية وعلنية لجر الوطن للخلف ولكن أخطر ما أفرزته هذه التيارات الانقسام الحاد فى المجتمع وتشويه الإسلام وتقزيم مصر وغياب القانون، فجماعة الأمر بالمعروف التابعة للسلفيين سواء من قريب أو بعيد قامت بتنصيب بعض أفرادها أوصياء على المسلمين وتوجيه الاتهامات لكل من يختلف معها.
الجميع يعلم أن السلفية كانت علامة من علامات الصفاء والزهد والنقاء فى الدعوة إلى الله، ولكن يبدو أنها خلعت ثوبها الأبيض وارتدت ثوب السياسة بكل ألوانه بعد خروجها للشارع بفضل الثورة التى فكت أسرها ورفعت عنها وزر النظام البائد، فالممارسات المتعددة التى تنسب إلى السلفيين باعتراف صريح من بعض أعضائها أحيانا وزورا وبهتاناً أحيانا أخرى كانت وبالا على الوطن وتشويها للإسلام، خاصة أن ممارسات جميع التيارات الإسلامية أصبحت توضع فى سلة واحدة ولا يتم النظر إليها، على اعتبار أنها سوء أفعال من بعض الشخصيات المحسوبة على الإسلاميين.
فبعد واقعة مقتل طالب كلية الهندسة فى السويس لم تغير التيارات الإسلامية من تحركاتها وسياستها الدعوية والإصلاحية لمواجهة هذا التصرف وتأثيره السلبى على الإسلام والمسلمين، بل استمرت الأحداث المتلاحقة التى تنسب للتيار الإسلامى وخاصة السلفيين بدءا من منع إقامة حفل غنائى فى محافظة المنيا، علما أن الفريق الغنائى يضم مسلمين وأقباطا وكان حصل على موافقة الجهات الحكومية المختصة، وبالرغم من ذلك تم منعه، ولم تكن المنيا وبورسعيد فقط موطن الأزمات، بل امتدت إلى كفر الشيخ، حيث ظهرت مجموعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى قرية الزعفران، توزع منشورا توجيهيا يتدخل فى أزياء الناس وحياتهم الخاصة ويحذرهم من أنهم سيلجأون إلى تغيير المنكر باليد إذا اضطروا إلى ذلك.
تغيير المنكر باليد وقع بالفعل ولكن هذه المرة كان فى السويس حسب ما ذكر المجنى عليه أحمد غريب لوسائل الإعلام من أن جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالمحافظة، قامت بالاعتداء عليه وحاولت قطع يده وحكمت بقطع لسان أخيه بعد أن سب الدين، كل ذلك ليس من أجل مصر أونشر الدين بل دفاعاً باسم الدين عن أحد أمراء الجماعة بعد أن اعترض المجنى عليه على دخوله دورة مياه خاصة بمحله دون استئذان.
كل هذه الأحداث لاتنفك عما قام به الداعية السلفى الدكتور عبد الله بدر خلال معركته مع الفنانة إلهام شاهين بحملة تشهير وتوزيع صور إباحية بدلاً من القيام بحملة نصح وإرشاد ودفع السيئة بالحسنة، وتقديم مثال ونموذج فى السلوك القويم للمسلم الصحيح.
هذه الأفعال لم تساهم فى نشر الإسلام وتقدم المسلمين، بل أصبحت عبء على الإسلام ومصدر حيرة وقلق للمسلمين وخاصة أن الكثيرون يتصيدون مثل هذا الأخطاء لتشويه الإسلام والمسلمون فى كل مكان،والمتابع لوسائل الإعلام العالمية يكتشف أن هذه الأخبار تخصم من رصيد مصر وشعبها ومستقبلها.
للآسف هذه الأحداث لم تجعل من بعض السلفيين عبئا على الثورة المصرية فقط، بل على الإسلام ومصر وخاصة بعدما اعتقد البعض أنهم أوصياء على المجتمع، وكأن الشعب المصرى لم يبلغ الحلم، نتمنى أن يدرك هؤلاء البعض من السلفيين أن هذه الأحداث تخصم من رصيدهم وتلوث ثوبهم الدعوى النقى وتخلق تيارا متشددا على الطرف الآخر، كما يحدث الآن من بعض الأشخاص المحسوبين على النخبة والثوار، فيجب أن يتم توجيه شباب السفليين الذين يقومون بهذه التصرفات نحو الاقتداء بهدى المصطفى عليه السلام فى الدعوة إلى الله، وكيف كان يتعامل النبى صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، قبل أن تتحول الأحداث الفردية إلى مواجهات جماعية ويتم تخريب الوطن باسم الدين كما حدث فى بعض الدول الإسلامية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة