عندما يتابع المرء أخبار البلد كما ترد فى وسائل الإعلام المرئى على لسان أصحابها أو فى الإعلام المكتوب نقلاً عن محررى الصحف والمجلات، تنطلق فى مخيلته علامات التعجب والاستفهام، ويستغرق فى نوبة من الضحك الهستيرى وكأنه يشاهد مسرحية هزلية سخيفة لا مغزى لها، ويجد نفسه أسير نوبة من الضحك الهستيرى.
فعندما يدعو الرئيس مرسى كل الذين سرقوا أموال مصر أن يضعوها فى حساب بالبنك المركزى برقم 333، ويصدق أن أولئك اللصوص سوف يستجيبون ويبادرون بإعادة الأموال أو شيئاً منها وكأنهم يعترفون على أنفسهم بالسرقة دون تحقيق أو محاكمة.
وعندما يفتح الرئيس جاكتته فى ميدان التحرير يوم إعلان فوزه رئيساً ويقول إنه لا يرتدى قميصا واقيا لأنه يحتمى بالشعب، ثم عندما يتولى الرئاسة رسميا يذهب لأداء صلاة الجمعة فى أى مسجد يتم اختياره تحت حراسة مشددة لدرجة تفتيش المصلين قبل أن يضعوا قدمهم على باب المسجد.
وعندما تسعى حكومة تكونت فى حماية الإخوان المسلمين الذين ينادون بتطبيق شرع الله، وتخضع لإغراءات المال والنفوذ وتوافق على إيجاد إقليم تنمية باسم منطقة قناة السويس تتولاه رؤوس أموال محلية وخليجية بدعوى النهوض بالبلاد، وتصبح قناة السويس تحت إدارة رأس المال الجديد الذى يصبح من حق أصحابه تحصيل الأرباح وإعطاء الحكومة نسبة، وكأننا نعود إلى عصر الخواجه ديلسبس الذى حصل على امتياز حفر قناة السويس فأصبحت شركة القناة دولة داخل الدولة حتى تأميمها بمعرفة جمال عبدالناصر فى 26 يوليو 1956، على حين أن الحكومة المصرية فى العهد الملكى أصدرت قانونا فى 1947 بمناسبة قرب انتهاء الفترة الانتقالية لإلغاء الامتيازات الأجنبية (1949) يمنع الأجانب من التملك فى مصر وأكدت عليه ثورة يوليو 1952.. فهل شرع الله يسمح بالتفريط فى ثروة البلاد تحت أى مسمى..!؟
وعندما تعلن الحكومة على لسان مسؤوليها أن القرض من صندوق النقد الدولى يتم دون شروط مسبقة من إدارة الصندوق وأن برناج الإصلاح الاقتصادى سيكون مصرياً 100%، مع أن المتابع لسياسات الصندوق دوليا يعرف أنه لا يمكن للصندوق أن يمنح قروضا لأى دولة دون أن ترفع الدعم وتترك الأمور لسياسة العرض والطلب (اقتصاد السوق).
وعندما يطالب أنصار الحكم الجديد من التيار الإسلامى باختلاف مسمياتهم بتطبيق الشريعة ويصفون الذين يعارضون النص على هذا دستوريا بالكفار أو الملحدين، ويصرون على القول إن الأقباط فى مصر شركاء لنا فى الوطن، ويعتقدون أن ذلك قمة المواطنة، مع أن الحقيقة المضمرة غير ذلك، إذ من السهل انفضاض الشراكة فى أى وقت. لكنه الباطن الذى يطفو على السطح دون قصد من صاحبه.
وعندما يقول أحد مسؤولى «حزب مصر القوية» الذى تقدم به عبدالمنعم أبوالفتوح أحد المرشحين فى انتخابات الرئاسة، إن الغرض من الحزب «سد الفراغ السياسى» فى الساحة، وكأن ساحة العمل السياسى تشكو الفقر، أو أن برنامج الحزب لم يأت به الأوائل.
وعندما نعجز عن وضع دستور يعبر عن أمانى الأمة جمعاء دون انحياز طبقى أو طائفى أو لصالح استمرار سلطة الاستبداد، وكأننا محدثو نعمة ولم نضع دستورا من قبل، مع أن الدستور يمكن أن يضعه فرد واحد يجد القبول والتأييد طالما أنه يضع نصب عينيه تحرير دستور يتمشى مع الكافة وليس مع الخاصة.
عندما نتأمل هذه المشاهد سوف نفهم لماذا ازداد عيار النكتة المصرية ولماذا نضحك بدلاً من أن نموت غيظاً.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الفارس المنقذ
الفرج على الباب