قبل أسابيع مضت التقى السيد وزير الإعلام السفير التركى بالقاهرة، وتم الإعلان بعد هذا اللقاء عن تعاون إعلامى بين مصر وتركيا وكان مثار التعجب أن وزير الإعلام المنوط به حماية وشحذ همة الإعلام المصرى بكل أشكاله بما فيه من قوة ناعمة وهى الدراما المصرية، هو ذاته الذى يتفاوض على عرض مسلسلات تركية بصورة حصرية مع السفير التركى على التليفزيون المصرى فبدا لى وكأنه تاجر لديه محل يريد أن يعرض فيه البضاعة المضمونة البيع بغض النظر عن من يكون منتجها وحتى لو كان ذلك من منطلق أنها بضاعة رائجة بشكل مؤقت، وذات التاجر يترك البضاعة التى ينتجها مصنعه ملقاة على الرصيف تتخاطفها الرياح.
السيد وزير الإعلام تتبعه جهات منتجة للدراما سواء قطاع الإنتاج أو صوت القاهرة أو مدينة الإنتاج الإعلامى، مما يعنى أنه جهاز منتج للدراما وعارض لها كشاشات فى ذات الوقت، وكنت أتوقع من السيد صلاح عبد المقصود كوزير للإعلام المصرى أن يناقش مع السفير التركى سبل لدبلجة الدراما المصرية وعرضها على الشاشات التركية بكل الوسائل حتى لو كان بأسعار تنافسية كبداية لخلق جمهور لها فى تركيا كما هناك فى مصر جمهور للدراما التركية، ولكن السيد الوزير لم يفعل ذلك بل تصرف كتاجر يبحث عن البضاعة الرائجة لبيعها، وحتى فكرة الرواج قد تهزم الوزير ربما بعد وقت قصير، حيث إن الشاشات المصرية والعربية من فرط عرضها للمسلسل التركى ستحدث حالة تشبع وربما انصراف البعض عن المشاهدة.
وزير الإعلام حتى نشر هذه الأخبار كما سبق وذكرت لم يبدو لى إلا كتاجر كسول يبحث عن المضمون ليعمل فيه دونما اهتمام بسياسة ومصلحة عامة.
ولكنى فوجئت هذا الأسبوع بأخبار تقول إن السيد صلاح عبدالمقصود قرر إنشاء قناة خاصة كاملة تركية لعرض المسلسلات وبرنامج صباحى وبرامج أخرى، وتم نشر الخبر فى عدة صحف ومواقع إخبارية فأصابنى الذهول وكأن الخبر يردد «اللى مايرضاش بالخوخ يرضى بشرابه» فها أنا كنت أستكثر على وزير الإعلام المصرى أن يهرول لعرض مسلسل أو اثنين بشكل حصرى على التليفزيون المصرى، وها أنا أجد أمامى أخبارا تقول أن ذات الوزير سينشئ قناة تركية كاملة، ولكنى للحق انتظرت أسبوعاً كاملاً أو أكثر على وزير الإعلام أو أحد يتبع له يكذب أو يصحح الخبر لربما كان خبرا ملفقاً غير صحيح، ولكن للأسف لم يحدث تكذيب أو تصحيح أو أى حاجة!!
إذاً فمن المؤكد أن قناة النيل للدراما المصرية ستنافسها أو قد يتحول اسمها إلى قناة الأناضول للدراما، مسمار فى نعش أحد أقوى أذرع القوى المصرية الناعمة. لا تثريب ولا عتب ولا لوم على تركيا ومسلسلاتها وسفيرها وحتى شعبها فمن حقهم أن يسعوا لعرض وبيع بضاعتهم فى كل مكان وبأى وسيلة، ناس شاطرة، ولكن العيب كل العيب علينا نحن الذين نساعد على هدم بضاعتنا. كل العالم لديه قوانين لمنع الاحتكار اقتصادياً وفكرياً إلا مصر التى لا تبدو أنها محروسة ومكتوب عليها أن المسؤولين فيها مهما تغيروا لا يملكون رؤى من أجل إصلاحها لأجيال قادمة وكل ما يملكونه هو عقل يفكر بمنطق الآن، والآن فقط، هذا فى أسعد الأحوال. ولا أريد أن أبدو من مروجى نظريات المؤامرة الإخوانية ذات الإسلام السياسى ولكنى بجد وبحق وحقيقى مضطرة أمام كثير من الأخبار المتناثرة هنا وهناك حول الرحلات المكوكية لخيرت الشاطر رجل اقتصاد الجماعة وحسن مالك ملياردير الإخوان إلى تركيا، لأن أربط بين التوجه العام لسياسة الدولة إلى تركيا وبين إقامة قناة تركية خالصة وغيرها، وقد يقول قائل: وما المشكلة فتركيا دولة متقدمة تجربتها فى التنمية ناجحة ونموذج إسلامى عالمى مشرف، ولذا ما الضير فى التعامل معها اقتصادياً وفى كل مناحى الحياة؟ فأرد وأقول نعم تركيا كذلك ولكن لو أن الأمر فيه كثير من عدم الشفافية وكثير من أحاديث خفية عن احتكارات تركية قادمة فى صناعات استراتيجية كثيرة، إذاً علينا الحذر، بل علينا أن نسأل هذه الحكومة بوزرائها ورجال أعمالها: إلى أين ستقودوننا؟ وهل وزير الإعلام وقناته التركية من الأناضول مجرد ذراع من عدة أذرع تركية ستلتف حول عنق مصر لتغنى لنا الأرض بتتكلم تركى بدلا من الأرض بتتكلم عربى؟؟؟!!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
owdy81
يوميات أودي المصراوي