إبراهيم عبد المجيد

اللى يعيش ياما يشوف

الجمعة، 14 ديسمبر 2012 09:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا المثل الشعبى الجميل الذى عادة حين يقع شىء غريب لشخص، أو يرى شيئا غريبا، فليس كل ما تراه يستحق الذكر. أن تكون إنسانا محترما فهذا هو الطبيعى وأن ترى إنسانا محترما فهذا هو الطبيعى، لكن أن ترى إنسانا غير ذلك فهذا هو الذى يعنيه المثل، هو وغيره من الرؤى والمرئيات غير الطبيعية. هو مثل هكذا يعنى بما يعنى به الأدب والفن. الأشياء والبشر والأحداث غير الطبيعية فيشير إليها خفية فى جملة اللى يعيش ياما يشوف. والحقيقة أننا رأينا الكثير جدا فى مصر عبر الأربعين سنة السابقة وخصوصا من حكامنا. لكن اختلفت الرؤية والمذاق. فما رأيناه من السادات كان غالبا له طعم الفكاهة الساخرة. وما رأيناه من حسنى مبارك كان غالبا بلا طعم. وكانت الحياة تمضى رتيبة فى كلا العصرين مفاجآتها ليست كل يوم. السادات كانت مفاجآته كثيرة لكنها كانت تقريبا كل شهر، رغم أنه كان يتحدث كل يوم، وإن لم يتحدث يذيع التليفزيون له خطابا سابقا. حسنى مبارك كان بلا مفاجآت. لا كل يوم ولا كل شهر. حتى أكبر مفاجآته وهى تنازله عن العرش أتخيل أنها لم تكن مفاجأة. ليس لأنه رأى الثورة وقدرها، ولكن لأنه لا فرق عنده الآن أن يكون خارج الحكم أو داخله! لكننا رأينا ثورة عظيمة أبدعها جيل عظيم ساعدته ميديا العصر وغباء الحكم وديكتاتوريته التى فاقت كل حد. رأينا ثورة مثل التى قرأنا عنها فى الكتب عن جموع الشعب التى تخرج فلا تعود إلا منتصرة. ورأينا عظمة لم تتحقق للثورات الكبرى وهى سلمية الجماهير. رأينا ما رأيناه فى أفلام السينما عن الثورات أمامنا على الأرض وبتفوق لأنك يمكن أن تكون فيه ولست متفرجا. وكانت عظمة ما رأيناه لأنه كان يبدو بعيدا لن يحدث. ورأينا بعد خروج الحاكم طورا جديدا منتظرا من الثورة وهو أن ينقسم الرفاق. لكن ظل النظام القديم يقاوم بما سمى حكمة الكبار والخوف على الوطن والوصول به إلى بر الأمان مثله المجلس العسكرى الذى تخلى له الحاكم عن الحكم. ولم تكن هناك أى حكمة منتظرة فرأينا مذابح ستظل تطارده ولا ينساها أحد. ورأينا فريقا يسرق الثورة سموا أنفسهم بالإسلاميين. إخوانا وسلفيين. رأينا مسيرة طبيعية للثورة بعد أن تحقق هدفها الأول. وصار الثوار بين المطرقة والسندان. بين وجهى النظام القديم. تآمر الوجهان على الثورة فسلم الوجه العسكرى البلاد إلى الوجه الآخر الذى اعتبره الثوار شريكا لهم ولم يكن كذلك. كان يفعل كل شىء بحساب. وفى الوقت الذى كانت الثورة تضحى فيه بالروح والجسد كان يبحث هو عن الأمان. حتى وصوله إلى الحكم كان بيد الثوار أكثر مما كان بيده. هكذا صار لأن الوجه الآخر لعب لعبته فوصلت فى انتخابات الرئاسة إلى هدفها. عسكرى من النظام القديم أمام مدنى إسلامى. وصل المدنى الإسلامى إلى الحكم وتحقق المثل الشعبى اللى عيش ياما يشوف. وصل بيد الثوار!!!. فلا عودة للنظام القديم! وكانت الانتخابات أغرب ما يجرى على الأرض. الكتلة التصويتية للمتنافسين من ناس لا يريدون أن يعطوا الآخر. انتخابات قامت على الكيد أكثر من الاقتناع، وإن سمعنا مئات التحليلات فى البرامج المرئية عن حسنات كل منهما. الحقيقة كان نجاح أحدهما كيدا للآخر. هكذا تستحق انتخابات الرئاسة المصرية أن تدخل موسوعة جينيس لأن الناجح فيها جاء بغير اقتناع ممن أنجحوه لكن كيدا فيمن أسقطوه. ويبدو أن الناجح كان يفهم ذلك. ويفهم أن التفاف الثوار حوله لا يعنى الثقة فيه قدر ما يعنى الكيد للمرشح الآخر، فلم يكن منه هو أيضا إلا إن كاد لهم. لكن الكيد هنا يكون للوطن وليس لفريق من الناس لأنك الآن على سدة الحكم. وهكذا يظهر كل يوم أن إنجاز النظام الجديد ليس ضد النظام القديم لكنه استكمال لمسيرته بوجوه أخرى. النظام الجديد الذى تربى فى أحضان القديم رغم كل ما بدا من عداوة ليس لديه جديد، وإن كان لديه فهو يؤخره حتى ينتهى من الثورة. وجديده للأسف قديم، اجتماعيا الصحراء صارت خلفنا وأمامنا بدستوره القبيح. واقتصاديا فتح بقوة الطريق الذى كان يفتحه النظام القديم على مهل. الرأسمالية المتوحشة. سياسيا تفوق على تعاون النظام القديم مع أمريكا وإسرائيل فضمن أمن إسرائيل أكثر مما ضمنه السادات وبدأ برنامج أمريكا القديم فى تقسيم البلاد. يبدأ الآن بالقسمة على الدستور القبيح ثم يتطور إلى القسمة بين المسلمين والمسيحيين. ولقد رأينا فى ليلة واحدة ووقت واحد إعلان محمد البلتاجى وصفوت حجازى وقيادى ثالث كان فى برنامج العاشرة أن سبعين فى المائة ممن هم عند قصر الاتحادية من المسيحيين. هكذا يفتح الباب بسرعة إلى فتنة التقسيم، ولم لا؟ فالدستور الجديد يضمن للرئيس حق ترسيم الحدود ونقل العاصمة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة