سعيد الشحات

ما بعد الاستفتاء

السبت، 15 ديسمبر 2012 07:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت هذا المقال فى بداية الإعصار الغاضب من الإعلان الدستورى، وأعيد نشره اليوم مع بدء الاستفتاء على الدستور.
أصل إلى أسوأ التوقعات التى يتخوف منها البعض حاليا، وهى أن الرئيس قد يجنى فوزا بالموافقة على الدستور، بحشد أجهزته، وتعبئة جماعته للناخبين، والدعاية بتكفير كل من يقول «لا» للدستور.
هذا التوقع يشغل الكثير من المصريين حاليا، وتلقيت كثيرا من الأسئلة حوله، والبعض يطرحه محبطا لأننا سنكون محكومين به بالحديد والنار، وأستعين فى الرد على ذلك، بدروس التاريخ التى يتجاهلها الحاكم فيتحول إلى ديكتاتور بدرجة امتياز.
فى دروس تاريخنا القريب، ما حدث فى مظاهرات 18 و19 يناير عام 1977 والمعروفة تاريخيا بـ«انتفاضة الخبز»، لكن السادات أطلق عليها «انتفاضة الحرامية»، جاءت انتفاضة يناير بعد أقل من أربع سنوات من انتصارات أكتوبر، وهى الانتصارات التى يمكن القول إنها أعطت السادات شرعية جديدة فى حكمه.
أثمرت انتفاضة الشعب المصرى فى يناير على شرخ شعبى كبير فى شرعية السادات، أدت إلى توجهات سياسية سيئة كان أبرزها تمكن الفتنة الطائفية من مصر، والتوسع فى لغة التكفير والتخوين للمعارضين، وارتماء السادات فى أحضان أمريكا وإسرائيل، وأصبحت مصر فى قمقم أدى إلى تراجع ريادتها العربية والإسلامية والأفريقية.
عاش السادات حاكما يزين له رجاله بأن الشعب المصرى كله يؤيده، وأن المعارضين قلة يتلقون التمويل من الخارج، وأنهم بلا شعبية تذكر، ثم انتهى الأمر كله باغتيال السادات أثناء العرض العسكرى فى 6 أكتوبر عام 1981.
أما حكم مبارك، فحدث فى سنواته الأخيرة، مظاهرات سياسية وفئوية كثيرة، كانت قليلة العدد فى المشاركة الجماهيرية، لكنها كانت قوية التأثير وأحدثت تراكما متزايدا فى الاحتجاج ضد حكم مبارك، وتزامن مع ذلك آلة إعلامية جبارة تزين لمبارك ديكتاتوريته تحت زعم أن الشعب المصرى كله يؤيد مبارك، وأن معارضيه أقلية شاردة ويتلقون أموالا من الخارج، وكانت هذه الاحتجاجات بمثابة التآكل التدريجى لشرعية نظام مبارك، حتى انتهى الأمر بالثورة عليه فى 25 يناير.
فى حالة الرئيس مرسى ورغم انتخابه شعبيا عكس السادات ومبارك، فإن ما يحدث منه الآن هو بدء تآكل شرعيته.
قد يكسب الرئيس مرسى وجماعته معركة الاستفتاء على الدستور بأى طريقة، وبما يعطيه مبررا شكليا للمضى فى طريق الديكتاتورية، لكنه سيخرج منها رئيسا مهزوزا، وأى محاولات لاستعادة الثقة ستكون محكومة بالفشل، لأن ما بنى على باطل، سينتج عنه بالضرورة باطل، وكل ذلك سيؤدى إلى معارضة أشرس.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة