على رجال الحزب الوطنى المنحل أن يعترفوا الآن أنهم لم يكونوا سوى تلاميذ صغار وهواة فى مدرسة التزوير الكبرى لأساتذة النظام الجديد، وعليهم أن يتواروا خجلاً أمام أستاذية واحترافية مهندسى التزييف والتزوير الجدد الذين جاءوا بأساليب مبتكرة فى تزوير إرادة الشعب فى أقل من عام بما لم يأت به الحزب الوطنى بكل سطوته وجبروته طوال الثلاثين عاماً الماضية. تقارير هيئات ومنظمات المجتمع المدنى وغرف عمليات التيارات والأحزاب السياسية وشهادات الناخبين أنفسهم والمحاضر المثبتة كشفت عن أكبر عملية تزوير لم يسبق لها مثيل فى الجولة الأولى من الاستفتاء على الدستور المشبوه، وكأن شيئاً لم يتغير بل زاد سوءاً.
ومع ذلك وأمام إصرار الشعب على إسقاط هذا الدستور الذى لا يعبر عنه ورغم عمليات التزوير والخروقات والانتهاكات الفاضحة وشراء الأصوات بالزيت والسكر وأنابيب البوتاجاز والأسواق الخيرية فى الريف والأحياء الشعبية وترويع الناس وتخويفهم باسم الدين والهجوم على مقرات الصحف الوطنية، جاءت المؤشرات الأولية غير الرسمية لنتائج الاستفتاء فى المحافظات العشر مفزعة ومخيبة لآمال الذين هبوا وانتفضوا لفرض وصايتهم على الناس للتصويت بنعم على «دستور منتصف الليل»، فقد قال نحو 45% من الناخبين من أبناء هذا الشعب الرائع الذين رفضوا كل أشكال التزييف والترهيب أكبر «لا» فى التاريخ السياسى المصرى وبرهنوا على أن هذا الدستور جاء لتقسيم الوطن من أجل مصالح وأغراض تيار واحد يسعى لاحتكار السلطة والعودة بالتاريخ إلى الماضى الكئيب.
لا للدستور المسلوق سوف تتكرر وبقوة فى الجولة المقبلة وبعدها على من شارك وساهم فى إعداد هذا الدستور أن يعتذروا للشعب الذى قسموه ومزقوه بسبب دستورهم المرفوض. الاستفتاء كشف وهما اسمه أغلبية الإخوان وتابعيهم وحلفائهم، فقد حصلوا على 17% فقط من نسبة التصويت فى الجولة الأولى التى لم تتجاوز نسبة 31% من إجمالى عدد الناخبين، بل إن عواصم مصر الكبرى ترفضهم وترفض أكاذيبهم وألاعيبهم.
سوف تتمدد «لا» فى وجه أعداء الحضارة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتاريخ يثبت دائما أن المجد والانتصار فى الأخير لمن قالوا لا لأنه انتصار للثورة وللشهداء مهما كانت التضحيات. فالدستور الذى يرفضه نصف الشعب هو دستور باطل وعار.