الاعتداء على مقر جريدة الوفد فى إطار موجات الاعتداءات المتوالية من جانب المليشيات المتأسلمة هو انهيار للشرعية واختفاء لدور الدولة وبدء ظهور موجات من العنف الممنهج والذى يبدو أنه يحظى بالدعم من جانب الدولة بالحياد السلبى من السلطة التنفيذية، والتى تضع نفسها موضع الشبهات.
ولقد شاهدت عمليات التحطيم الناتجة عن اعتداءات مليشيات قيل إنها تابعة لحازمون التابعة بدورها لحازم أبو إسماعيل المرشح السابق لرئاسة لجمهورية، تحطيم واجهة صحيفة الوفد وزجاج السيارات المملوكة للصحفيين ومنها التى تحمل شعار لا إله الله حتى المسجد التابع للجريدة والحزب تم تحطيم واجهته، ولم يسلم بيت الله من التدمير ولولا أن تجمع الناس من كل مكان وبعد تراجع قوات الأمن التى كانت موجودة عن صد الهجوم، والذى تم الإعلان عنه مسبقا من خلال مواقع الإنترنت لكان صحفيى الوفد وأعضاء حزبه فى عداد الموتى الآن.. وما حدث فى الوفد كان قد حدث من جانب بعض المليشيات ظهر الجمعة لمحاصرة الشيخ المحلاوى داخل مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية وهى أعمال لا تتصل مهما كان السبب بالشرعية لأنها إرهاب وكان قد سبق أن تم استدعاء مليشيات عند قصر الاتحادية للاعتداء على المتظاهرين ضد الإعلان الدستورى، وتم قتل زميلنا الصحفى الحسينى أبوضيف وعدد لا يقل عن ثمانية آخرين فى نفس الموقع، وهى مؤشرات خطيرة إن نمت عن شىء تنم عن أن دولة القانون قد سقطت فى مصر، وبدأت تحل محلها دولة المليشيات.
وهى الدولة التى تتم بموافقة ومباركة السلطة التنفيذية ويسأل عن ذلك محمد مرسى رئيس الجمهورية. ولأنه المسئول الأول عن أرواح المصريين وممتلكاتهم وأمنهم وسلامتهم. هو رئيس الدولة وليس مجرد واجهة تبتسم للكاميرات وفقط من أجل الوجاهة.
إن الاعتداءات المتصلة التى لا يتم محاسبة فاعليها سوف تنقل مصر من دولة مؤسسات إلى دولة مليشيات. لأن ذلك سوف يدفع كل تيار لأن يستعد بحشد وتجييش قواته لمواجهة أى مخاطر وله الحق فى أن يجند ويدرب ويسلح قوات خاصة به لمواجهة الأخطار، خاصة بعد أن يستمر فشل الأجهزة الأمنية لمواجهة تلك المليشيات التى تمارس إرهابها على كل أصحاب الفكر والرأى وبشكل معلن عنه سابقا وكأنها جيوش الدول العظمى عندما تعلن عن شن هجماتها على أى دولة ضعيفة، وقبل ساعات من بدء الهجوم وفى تحدى العالم بقوتها.
وما فعلته مليشيات الاعتداء على المتظاهرين فى الاتحادية وغيرها فى حصار الشيخ المحلاوى بالإسكندرية وغيرها عند مدينة الإنتاج الإعلامى وأخيرا وليس آخرا ضد جريدة وحزب الوفد وما تردد عن تكرار ذلك ضد الصحف والأحزاب يعد بدء انهيار دور الدولة وبدء دخول مصر فى حزام الحرب الأهلية التى سوف تحيل الشوارع والميادين إلى بحور من الدم.
بينما أجهزة الأمن فى كل مرة تنتقل من فشل إلى فشل وكأن دورها أن تقف بحشودها المسلحة مثل خيال المآتة لتقول إنها تحاول أن تحلل ما يرصد لها من مليارات، وإلا فعلى السلطة التنفيذية أن تعلن عن حل جهاز الشرطة وعلى كل مواطن أن يحمى نفسه أو عشيرته بطريقته وبأسلوبه فليس من المنطقى أن يستعرض البلطجية قوتهم ويتولوا تنفيذ عمليات إرهابهم الفكرى جهارا نهارا تحت سمع وبصر العالم وفى حضور أجهزة الأمن التى عادة ما تتراجع لمرور المليشيات حاملة الأسلحة محطمة مخربة مدمرة سافكة لدماء الأبرياء.
لا نقول إن ذلك من الممكن أن يحدث إلا إذا كانت هناك رغبة لدى السلطة التنفيذية فى حدوث ذلك. وبالتالى عليها أن تتحمل نتائجه كاملة.