دون سابق إنذار، طل علينا أحد قياديى الإخوان المسلمين، وأبلغنا منذ أيام عن وجود «مخطط» لخطف الرئيس والانقلاب على الحكم، ولا أعرف ما حاجة المعارضة لخطف سيادة الدكتور محمد مرسى، وهو بالأساس مخطوف «خلقة ربنا»، ولو كنت مكان العصابة التى خططت لخطفه- بحسب زعم الإخوانى صاحب المخطط- لبذلت قصارى جهدى من أجل أن أخطف الرئيس فعلا لأضعه فى قصر الرئاسة فعلا، وليبقى رئيسا فعلا، بدلا من حالة التوهان التى أصابتنا بعد أن ظننا أن لدينا رئيسا ثم فوجئنا بأننا «ع الحديدة».
مخططات مخططات مخططات، لا يسمع الواحد هذه الأيام إلا عن «المخططات»، يحدثنا العريان عن مخطط، ويستغرق البلتاجى فى شرح المخطط، ويتفنن صفوت حجازى فى فضح المخطط، ولا يعرف الواحد أى «مخطط» فيها هو المخطط سعيد الحظ، فقد كثرت المخططات، وغابت الخطة، ولو كان العكس هو الصحيح لما احتاج مخططو الدكتور مرسى إلى فبركة حوارات المخططات هذه، لكن فيما يبدو أنهم «حافظين مش فاهمين»، لأن مرسى يسير إلى السقوط دون أى تخطيط، ودون أى مجهود من أحد، فما حاجة المتربص إلى صنع مخطط لإسقاطه، إلا إذا كان هذا المخطط من جماعته هو.
أكثر هؤلاء «لكلكة» فى سيرة المخططات المزعومة هو القيادى الإخوانى صفوت حجازى الذى استضافه الزميل خالد صلاح فى برنامجه «آخر النهار» على قناة النهار منذ أيام، فحينما ضيّق «صلاح» عليه الخناق بالأسئلة محاولا أن يستعلم عن مصادر معرفة حجازى بهذه المخططات، قال له: أنا لا أفصح عن مصدرى، متقمصا دور الصحفى المهنى الذى ينشر معلومة للناس متحملا مسؤوليتها، وناسيا أنه سياسى وخصم لسياسيين، بما يعنى أن فرضية الحياد المتوافرة لدى الصحفى ابتداء لا تتوافر له، لكن الغريب فى الأمر أن حجازى نفسه ذم هذا النوع من الصحافة التى تنشر الأخبار دون التصريح بمصادرها، وقال عن زملاء مهنيين إنهم مغرضون، وحاول تشويههم بكل ما يستطيع، فكيف يا أستاذ صفوت تتقمص دور الصحفى وأنت سياسى، ثم كيف تذم هذه النوعية من الصحافة بينما أنت فى سنة أولى منها؟، ثم كيف تدعى أنك داعية، وأنك سياسى، بينما تعمل عمل الصحفيين المبتدئين الذين يفبركون الحكايات المسلية ويدبجون المخططات الوهمية؟، لذا أقول للزميل صفوت حجازى إن كنت تريد أن تعمل صحفيا فـ«مكانك مش هنا»، واذهب إلى أى صحيفة تريدها لتتدرب قليلا على أصول المهنة.
ما لا يمكن أن أنساه هنا هو اعترافى بأننى استمتعت بحوار حجازى مع صلاح جدا، وأكثر ما أمتعنى هو وجه حجازى وهو يتلقى الأسئلة ويصرع بالفيديوهات، فما أنكره من سب المعارضين أوضحته الصور، وما تبرأ منه مهاجما الشيوخ الآخرين على ارتكابه ظهر جليا واضحا فى تسجيلاته، وحينما واجهه «صلاح» بوقائع تزوير الاستفتاء قال له إن تلك شكاوى، ولا يصح أن نصفها بالتهمة إلا بعد إصدار حكم نهائى فيها من جانب المحكمة، ولا يصح أيضا أن نروجها وأن ننشرها إلا بعد أن نتأكد من مدى جرمها، وهنا ضربت كفا على كف، ألم يكن من الجدير بك أن تقول هاتين الجملتين لنفسك قبل أن تتحدث عن المخططات الوهمية للتعدى على ذاتك الرئاسية؟
حجازى هنا ليس أكثر من مثال على تناقض من يدعون أنهم دعاة، وليس أكثر من تجربة عملية لإعلام من يهاجمون الإعلام ويتهمونه بالفساد المهنى، لكن قدر الجمال ألا ترى «صنمها» البارز مثل التل، وقدر الإعلام أن يتلقى السبة تلو السبة ممن يتشحون بالسباب والشتائم، فى تجسيد واضح وصريح للمثل القائل «لو الجمل بص لأتبه كان ميل عليه وقطمه».