لعشرات السنين آمن الإخوان بفكرة المؤامرة ووظفوها لحماية وتماسك التنظيم، فالحكومة تتآمر على الجماعة، ومن يختلف مع قرارات خاطئة لمكتب الإرشاد يصنف فى خانة المتآمرين ضد الجماعة والمتعاونين مع المباحث، وأعتقد أن هذه التربية الإخوانية وراء اتهامهم للمعارضة والقضاء والإعلام الخاص بالتآمر للإطاحة بالرئيس مرسى، ثم جاءت الطبعة الأغرب من أوهام المؤامرة على الإخوان بترويج مؤامرة خطف الرئيس!!
آلية التفكير والعمل التآمرى تنمو فى مناخ العمل السرى والتنظيمات التى تعمل تحت الأرض، سواء كانت إسلامية أو يسارية، والمشكلة إن آلية التآمر تتعارض مع الممارسة الديمقراطية التى تقوم على الاختلاف ووجود معارضة للرئيس والحكومة، لأنه إذا اعتبرنا كل المعارضين أو حتى بعضهم متآمرين ضد الشرعية أو الوطن - وربما فى مرحلة أسوأ ضد الإسلام - فإن ذلك يعنى نهاية الديمقراطية، والحقيقة أن اتهام المعارضة بالتآمر على الشرعية والوطن هو أسلوب معروف فى الدول الاستبدادية، وقد عانينا منه فى مصر كثيرا، حيث اتهم مبارك المعارضين بالتآمر وأحيانا بالخيانة، وفى معظم الحالات لم تكن هناك حقائق أو أدلة ملموسة تؤكد وجود مؤامرة أو تهديد للوطن وللشرعية.
تراث الاستبداد باسم المؤامرة استعاده الإخوان حرفيا، ويستخدمونه الآن ضد المعارضة، والمفارقة أنهم كانوا ضحية له فى الماضى، لكنهم يتحولون - ربما دون وعى - من دور الضحية إلى الجلاد، فيتهمون رموز المعارضة بتلقى تمويل من الخارج، والعمل ضد المصلحة الوطنية والاستقرار، وكل هذه الاتهامات بدون إثبات أو برهان، فى مخالفة صريحة لمبادئ الإسلام وتعاليمه لأن اتهام المسلم بدون دليل من الكبائر التى تستوجب العقوبة والتعزير، والتحدث به بين الناس من الغيبة التى حرمها الله وشبهها بمن يأكل لحم أخيه ميتاً. لذلك أناشد قادة الإخوان والسلفيين أن يقدموا للنيابة العامة ما لديهم من اتهامات ضد المعارضة للتحقيق فيها. فى المقابل إذا كان لدى بعض المعارضين اتهامات ضد الإخوان بتلقى تمويل خارجى أو تقسيم الدولة وهدم مؤسساتها فعليهم التوجه بمستندات وأدلة واضحة لجهات التحقيق.
وأتوقف عند اتهام التمويل من الخارج والذى يستخدم على نطاق واسع حتى شمل كل من يهتم بالعمل العام، أو يشارك فيه، بالتالى أصبح على المراقب الخارجى أن يتعامل مع المصريين كشعب «مرتشٍ»، يتحدد سلوكه السياسى بحسب ما يحصل عليه كل مصرى من تمويل أجنبى، وهو أمر غير صحيح وتكذبه الوقائع والأحداث، فالمصريون يشاركون فى المظاهرات والاعتصامات بدون توجيه أو تمويل، وعلينا أن نثق فى أنفسنا، ونعرف أن هناك أفرادا عاديين ورجال أعمال يتبرعون بوقتهم وأموالهم، وقد وفر هؤلاء التمويل ودعم لوجستى - فقير لكنه يفى بالغرض -للثوار فى التحرير وميادين مصر أثناء الثورة.
قد يكون هناك تمويل أجنبى بالفعل، ومؤامرات خارجية، لكن على الأجهزة الأمنية رصد ومتابعة وإثبات ذلك، وتحويل أى اتهامات للقضاء العادل، وعلى الإخوان، وهم الآن فى السلطة، العمل على أولا: تكليف الأجهزة الأمنية بالتحقيق فى هذا الملف الشائك، ثانيا: سرعة توفيق الأوضاع القانونية للجماعة والإفصاح عن أصول جماعة الإخوان ومصادر تمويلها، لأنها لا تخضع لقانون الجمعيات، بينما بقية الجماعات والأحزاب تخضع للقانون ولبعض أشكال الرقابة الحكومية، ثالثا: الرد بوضوح على اتهامهم بالتآمر على الثورة عندما لم يشاركوا بكامل قوتهم فى 25 يناير، وعندما دخلوا فى مفاوضات شهيرة مع عمر سليمان، والثوار ما زالوا فى التحرير ومبارك فى الرئاسة. والأهم عندما عقدوا صفقات مع المجلس العسكرى لتمرير استفتاء2011، ثم دافعوا عن أخطائه فى ماسبيرو ومحمد محمود، ولم يشاركوا قوى الثورة فى مليونيات تطالب بإنهاء حكم العسكر. رابعا: الكشف عن تفاصيل المباحثات مع الإدارة الأمريكية والتى تضمنت، كما صرح مسؤولون أمريكيون، تفاهمات وتعهدات بشأن إسرائيل ومصالح أمريكا فى المنطقة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الثائر الحق
وااااااااهِم