زمان كان الحديث يدور حول تلبيس أى حد سلاح أو مخدرات، الآن أصبح من السهل تلبيس المعارضين قضايا ازدراء أديان، أو إهانة الرئيس، لكل من ينتقد سياسات أو قرارات، أو تراجعات، وقد أصبحنا أمام حالة من «الإبلاغ على الذات».
بلاغات متوالية من الرئاسة ورجالها وأقاربها ضد إعلاميين وصحفيين، متزامنة مع بلاغات ضد سياسيين كالبرادعى وصباحى تتهمهم بقلب نظام الحكم والتحريض.
وهذه البلاغات ليست أمرا جديدا، وقد رأينا فى الأعوام الأخيرة لمبارك محامون يرفعون دعاوى ضد الصحفيين، ويقدمون بلاغات، يتهمون صحفيين أو كتابا بإهانة الرئيس، ومازلنا نتذكر قضية رؤساء التحرير الأربعة، والقضية التى رفعها أحد المحامين على إبراهيم عيسى اتهمه فيها بنشر أخبار كاذبة عن صحة الرئيس، والإضرار بالبورصة والاقتصاد، وصدر حكم بالحبس ضد إبراهيم عيسى قبل وقف التنفيذ.
كان الحزب الوطنى ينفى علاقته بالمدعين ويعمل نفسه مش عارف، وكثيرا ما اتهم الحزب الوطنى ورجاله الإعلام بأنه مغرض يبالغ فى النشر عن الفساد، ويتهم الشرفاء بالباطل، وفى كل مرة كانت هذه الاتهامات مقدمة لتشريعات تقنن الحبس وتغلظ العقوبات فى قضايا النشر.
وهو ما نراه الآن من الجماعة وحزبها ومحاميها، والجديد أن الرئاسة تدخل طرفا فى
البلاغات والقضايا مباشرة أو من خلال موظفين ووكلاء، يرفعون قضايا ويقدمون بلاغات، مؤكدين ومهللين أنهم لا يعرفون الرئيس، لكنهم يغارون على وطنهم ورموزهم.
من بين هذه البلاغات بلاغ من محامى ونائب الأذان يتهم إبراهيم عيسى بازدراء الأديان، لكنه فى الحقيقة يستخدم الدين للدوران حول القضية، فالمادة التى قدمها المحامى المؤذن عبارة عن فيديو ينتقد فيه إبراهيم عيسى الرئيس، والمحامى لا يريد الظهور فى صورة من يداهن الرئيس أو هو يجمع بين الرئيس والأديان.
وقد عادت قضية إهانة الرئيس فى بلاغ ضد باسم يوسف لأنه وضع صورة الريس مرسى على مخدة ضمن برنامج ساخر، كل ما يفعله أنه يستعرض فكاهة السياسة الطبيعية بدون إضافات كثيرة، معبرا عن خفة دم الشعب المصرى، وتفاعلاته مع القرارات وعكسها ودورانها حول نفسه.
إهانة الرئيس أيضا تهمة مو
جهة فى بلاغ من الرئاسة يتهم علا الشافعى بأنها أهانت الرئيس فى مقال «زواج مرسى من فؤادة باطل»، تعبر فيه عن رأيها.
عادت اتهامات إهانة الرئيس وازدراء الأديان متزامنة مع تصريحات لقيادات جماعة الإخوان، ومنهم المرشد والشاطر تتهم المعارضة والإعلام بالاندساس والازدراء والتآمر، وهجمات على الإعلام وحصاره، بينما تتجاهل تطوير الإعلام الحكومى، ليكون مهنيا وجذابا، يواجه الحجة بالحجة والانتقاد بالانتقاد، فضلا على أنهم وجماعتهم يمتلكون قنوات تبث ليل نهار اتهامات وشتائم، تتجاوز ما يبلغون عنه.
ثم إنهم لا يدركون أن الدنيا تغيرت، وأن الإعلام لم يعد هو فقط الصحافة والتليفزيون، بل هناك الفيس بوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من أدوات الإعلام التى مثلت المواجهة مع نظام مبارك، وأن اتهامات «الازدراء والإهانة والمس وحقن»، لم تعد تنفع فى عصر الجماهير، والسماوات والأدوات والأدمغة المفتوحة.