معدن المرأة المصرية يظهر بأصله وأصالته فى وقت الملمات والأزمات، فى المراحل المصيرية للوطن، وقد ظهر ذلك جليا فى مرحلتى الاستفتاء، شاهدنا طوابير النساء تمتد لعشرات الكيلومترات أمام اللجان ولمدة وصلت فى الكثير من اللجان لأربع وخمس ساعات، وفى الإسكندرية، وبالتحديد لجنة رشدى على سبيل المثال عندما شعر الناخبات الجريئات أن رئيس اللجنة متعنت وأنه له ميول إخوانية ويتعمد تعطيل اللجنة وعدم دخول الناخبات الواقفات من الصباح الباكر، لأن معظمهن غير محجبات، وبعضهن يحملن شعار «لا للدستور» كما أن هذه اللجنة فى الانتخابات الرئاسية أعطت أصواتا ضئيلة لمرسى، والمستفز أن اللجنة أغلقت بحجج مختلفة تارة لأن رئيس اللجنة يأكل، وأخرى لأنه يصلى، وثالثة لأنه فى الحمام، وأمام هذه الألاعيب الغريبة قامت النسوة بالطرق على باب اللجنة طرقات منتظمة ثم بالتصفيق بالأيدى فى مظاهرة سلمية متحضرة، فقام، حسب شهادة الدكتورة ماجدة شفيق، الأستاذة بجامعة الإسكندرية، بفتح اللجنة الساعة التاسعة مساءً وحتى الحادية عشرة، وطبعاً لم تدخل كل الطوابير الواقفة، لأنه أعلن انتهاء الوقت المحدد حسب تعليمات اللجنة المشرفة على الاستفتاء. شىء كهذا تكرر فى مواقع عديدة ولجان مختلفة من دمياط وبورسعيد حتى المنيا وبنى سويف والفيوم، ناهيك عن تواجد أعضاء حزب الحرية والعدالة داخل اللجان وتوجيه الناخبين والدعاية لـ«نعم» التى بدأت من منابر المساجد وسمعنا من أفواه بعض الدعاة كلمات تصب فى خانة الغطرسة مثل «هانمشى على جثث اللى يقولوا لا، وها ندعو لنعم بالمساجد وأى علمانى أو ليبرالى كلب هانقطع لسانه»، كل هذا حدث وسجلته بالصوت والصورة جمعيات المراقبة المدنية وغرف مراقبة التيار الشعبى والوفد وحركات مثل شايفينكم التى سجلت منع الأقباط من التصويت فى لجان العمرانية وبنى سويف والمنيا، إذن نسبة «نعم» التى خرجت علينا لم تكن بريئة من تجاوزات خارقة، وإذا كان وزير العدل يفتخر أنه لأول مرة يصدر قرار بإحالة المخالفات لقضاة تحقيق تابعين لمحاكم الاستئناف، فالسؤال: أين هذه التحقيقات ومتى تعلن نتائجها؟ وإذا ثبت فعلاً وجود خروقات وتزوير، فهل هذا يعنى بطلان الاستفتاء إجراءات ونتائج؟ المتحدث باسم الرئاسة يقول إن الاستفتاء غير قابل للطعن عليه، لأنه من أعمال السيادة، بينما يرى فقهاء فى الدستور مثل د. جابر نصار، ود. يحيى الجمل، أن إصدار قرار الاستفتاء ينطبق عليه أعمال السيادة، لكن الإجراءات نفسها قابلة للطعن والنتائج كذلك، وبالتالى إذا أثبت قاضى التحقيق وجود مخالفات وتزوير، فالاستفتاء باطل بنتائجه، من ناحية أخرى، وأخطر هل يصح تمرير دستور لم يوافق عليه %50 + 1 من مجموع من لهم حق التصويت، وهم أكثر من خمسين مليونا وإذا حدثت الموافقة بهذه النسبة فماذا عن النسبة غير الموافقة التى ترى عواراً فى العديد من مواده؟ لقد حصلنا على وعود بإعادة النظر فى المواد المرفوضة من المعارضين فى مجلس الشورى، والمجلس تم تعيين 90 عضواً به معظمهم ينتمون لتيار الإسلام السياسى أوالمتعاطفين معه ورفض العديد من الأسماء ذات الوزن الثقيل فى المعارضة قبول العضوية، فهل يمر الدستور بعواره ومواده التى أظهرت برامج التوك شو مدى فداحتها، على سبيل المثال مادة تعريب العلوم التى أدانتها منظمات حقوق التعليم فى العالم، هل ستمر هذه المواد مرور الكرام مع حالة احتكار كل شىء من تيار الإسلام السياسى؟ هذا السؤال إجابته فى رقبة الرئيس مرسى، وسنعود مرة أخرى لكلمة توافق التى صارت سيئة السمعة مثل كلمة شفافية فى العهد البائد.. هم يتكلمون كثيراً ولا يفعلون شيئا، والمصريون تعبوا من الكلام ومن الحياة.. عموما يبدو أن معركة «لا» لم تنته بانتهاء الاستفتاء، وأن أصحابها سيستمرون فى النضال طويلاً، المهم ألا يتعبوا من أجل هذا الوطن.. صبراً قليلاً.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد
اللجنة العليا قالت كلمتها
عدد الردود 0
بواسطة:
أمين عبد السميع
خفوا شويه!
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
اختاه.. احذري فتنة اخر الزمان