الديمقراطية ليست غاية فى حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتداول السلطة، وهذا غير استغلال الديمقراطية للانقضاض على السلطة بعيدا عن الممارسات الديمقراطية التى تعنى الجانب القيمى للديمقراطية الذى يستوجب وجود الأرضية الثقافية، تلك الأرضية التى تحفز لخلق درجة من درجات الوعى حتى يمكن أن تكون هناك إمكانية اتخاذ موقف سياسى واضح بعيداً عن أية وصاية دينية أو سياسية أو اقتصادية أو قبلية، والديمقراطية تعنى سيادة الشعب، وهو صاحب القرار الذى يخضع له الجميع، ولكنها ليست موقفًا تكتيكيا بهدف الوصول للاستيلاء على الحكم تحت زعم قرار الصندوق، فالصندوق فى ظل الوصاية المتعددة على الناخب هو شكل مشوه لا علاقة له بأى مضمون ديمقراطى، فما علاقة الصندوق بالتصويت الذى يتم تحت أسر الوصاية باسم الدين والتصنيف بين الجنة والنار والكفر والإيمان؟ ما علاقته بالمحتاج الذى لا يجد قوت يومه؟ ماذا يفعل المواطن البسيط المتدين فى ظل تصويت طائفى يحشد التصويت الإسلامى فى مواجهة التصويت المسيحى، وكيف تمارس الديمقراطية وهناك من يعتبرونها كفراً بالله فلا سيادة لغير الله؟ وعلى ذلك فلا يجب الادعاء بأى صناديق ولا أرقام انتخابية، خاصة فى ظل تلك الخروقات التى مورست فى الاستفتاء على الدستور بمرحلتيه، والأهم فى ظل نتيجة تؤكد الانقسام الرأسى فى المجتمع المصرى، فلا يدعى أى فصيل أنه يمتلك الأغلبية الشعبية فى الموقف الذى كان الجميع ينتظر أن يكون الدستور سبيلا لإعادة التوافق الوطنى الذى أسقط مبارك، ولكنه للأسف بدلاً من أن يكون طريقًا للحل قد أصبح جزءا أساسيا من حالة الاستقطاب السياسى والاحتراب الأهلى الذى يهدد سلامة الوطن، لأنه قد جاء دستوراً لفصيل سياسى واحد، عازلا مجمل الشعب المصرى، دستورا يؤسس لدولة دينية لا علاقة لها بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى يسعى إليها كل المصريين والتى كانت الطاقة الفاعلة لانطلاق ثورة يناير، والأهم: فماذا نحن فاعلون الآن؟ هل سنترك هذا الاختلاف السياسى الذى له علاقة بالمصالح الذاتية والحزبية، بعيدا عن مصلحة الوطن؟ هل ننتظر حتى نصل إلى حالة الإفلاس فى ظل هذه الأزمة الاقتصادية الكارثية فنجد أمامنا ثورة جياع تنتظر من يشعل فتيلها فيضيع الجميع؟ هل ندرى أننا وبما نفعل ننفذ تلك المخططات الاستعمارية التى تريد تقسيم المنطقة وتفتيتها لصالح العدو الصهيونى؟ وها نحن نرى ما حدث فى السودان والعراق وما يحدث فى سوريا، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التى تجتاح ما يسمى بدول الربيع العربى الذى يريدون أن يجعلوه خريفًا عربياً؟ هل نسينا ورقة الأقليات الدينية التى يلعب بها الاستعمار قديمه وحديثه لكى ينال ما يريد؟ ماذا بعد خراب الوطن وضياعه؟ وإذا ضاع الوطن فأى شىء ستحكمون؟ وهل تأتى السلطة، أى سلطة، للإصلاح والتقدم وحل المشاكل والالتحام بالجماهير وكسب مصداقيتها؟ أم تأتى بهدف الاستيلاء والاستحواذ وخلق المشاكل؟ فمصر أكبر وأهم من الجميع، ومصر وطن الجميع ولن يستحوذ عليها فصيل واحد مهما ادعى، فهل يعى الجميع أن الوضع قد دخل مرحلة الخطر الحقيقى، وأنه لا حل غير الحوار الذى يهدف إلى صالح الوطن؟ هل يمكن أن يكون هناك حوار حول المواد المختلف عليها فى الدستور والاتفاق حول تعديلها ووجود الضمانات التى تجعل مجلس الشعب يوافق عليها حيث من حقه الموافقة وعدم الموافقة على أى تعديلات يتقدم بها الرئيس، فالشعب قد كسر حاجز الخوف وقد سبق كل القوى السياسية، ولن يترك أحدا يقامر بالوطن لمصالح حزبية، ودم الشهداء لم يضع هباء، والثورة مستمرة، وليكف الجميع عن الغرور والاستعلاء، فالشعب هو السيد.
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر
نقد بناء