لديك الآن فريقان، الأول يقول لك إن نبى الله صلى الله عليه وسلم هو المبعوث رحمة للعالمين، وهو الصادق الأمين، وهو الذى أرسله ربه بالدين الحق ليظهره على الدين كله، وهو الذى بُعث لإتمام مكارم الأخلاق. أما الفريق الآخر فيقول لك إن النبى كان سابا شتاما لعانا، وإنه كان لا يتورع عن إلقاء الشتائم على من يخالفه، سواء كان مؤمنا أم كافرا، وسواء كان رجلا أم أنثى. وقبل أن تستبد بك الدهشة وينال منك التعجب، لك أن تعرف أن الفريق الأول هو ذلك الفريق الموصوف بالكفر، والمنعوت بالليبرالى العلمانى اليسارى الاشتراكى الفوضوى الهادم للدين والمعادى للشريعة، أما الفريق الثانى فهو من يوصف بعلماء الأمة وشيوخها الأفاضل، وهو ما يوصف بالمدافع عن الشريعة، والمقيم لشرع الله، ولك أن تعرف أيضا أن هناك قطاعا عريضا من الشعب المصرى يصدق تماما أن الفريق الأول «كافر» والفريق الثانى «عالم».
لا يتسع المقام هنا لذكر الأحاديث ولا آيات القرآن التى وصفت أخلاق النبى، ووضعت منهج المسلمين الأخلاقى الكريم، فنبى الله فى غنى عن دفاعى عنه، وهو الذى قال عن نفسه «أدبنى ربى فأحسن تأديبى»، وهو القائل أيضاً «ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذىء»، وهو الذى قال عنه ربه «وإنك لعلى خلق عظيم»، فكيف يكون نبى الإيمان شتاما لعانا سبابا، وهو الذى نفى عن المؤمن هذه الصفات، وكيف يكون من أدبه ربه على هذا الوصف المتدنى؟، وكيف يكون «الخلق العظيم» منحدرا إلى هذا المنزلق الذى يصفونه؟، «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا».
سابقا قلت إن الخطورة الحقيقية لما يسمى بالإسلام السياسى هى أنه يتخذ من الإسلام درعا يتلقى عنه سهام النقد، وإننا سنصحو يوما لنجد ثوب الإسلام ملطخا على يد هؤلاء، ما يعد إيذانا ببداية «ثورة انتحار القيم»، والتمرد الشامل الذى لن يستثنى مقدسا، ولن يرتدع برادع، وكان هذا هو المسار الطبيعى لهذا المسلك المعيب، فهم لم يتخذوا من الإسلام منهجا وسبيلا، لكنهم يتخذون من أهوائهم آلهة، وكل ما يفعلونه هو أنهم يبررون أهواءهم بالإسلام ليس أكثر، لذلك كان طبيعيا -على سبيل المثال - أن يرفضوا قرض البنك الدولى «بالإسلام» ويقبلونه «بالإسلام»، وأن يحرموا الانتخابات «بالإسلام» ويستحلوها «بالإسلام»، فصار أقدس مقدساتنا فى يدهم ألعوبة، وصارت عقيدتنا وشريعتنا فى يدهم سلعة رخيصة.
اللافت هنا أن وصف نبى الرحمة فى القرآن والسنة بكل هذه الصفات الأخلاقية الحميدة لم يكن لأنه كان على خلق عظيم مع أصفيائه وأصدقائه وتابعيه، بل كان على هذا الوصف مع أعدائه ومناكفيه، فما عظمة الأخلاق فى أن تحسن إلى المحسن؟، أو فى أن تكرم من يكرمك؟، إنما تجلت عظمة أخلاق النبى فى الإحسان إلى المسىء، وفى إكرام من يعتدى، هكذا تعلمنا، وهكذا آمنا، وهكذا عرفنا رسول الله وأحببناه، فصار أعز علينا من أنفسنا، أما ادعاء فريق السبابين الشتامين بأن النبى كان يسب، فهو أمر أقرب إلى متطرفى أقباط المهجر الذين أنتجوا الفيلم المسىء، وأرجو ألا تندهش من هذا الأمر، فكلا الفريقين يدعى على نبى الله كذبا، وكلا الفريقين يدعى أنه لم يأت بشىء من عنده، إنما جاء بما هو مذكور فى كتب التراث، وكلا الفريقين اتخذ من تشويه النبى سبيلا لأغراضه السياسية فى معرض النخاسة والنجاسة الذى نعيش فيه، وهو الأمر الذى يجزم بأنه لا سبيل لقطع الطريق على تلك الفقاعات المريضة إلا بتنقية تراثنا الإسلامى من شوائبه، ونزع هالة القدسية من فوق تلك المصادر التى يغترف منها أعداؤنا وجهلاؤنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
تحت
عدد الردود 0
بواسطة:
أنا السلفى بالادب و الحكمه
لى أَن ألومك ولى العذر ، وليس لك مـن الأَعـذار أن كرهك للأسلاميين قـدرٌ مـن الأقـدار
عدد الردود 0
بواسطة:
ali hussin
دكاكين
لاحظ انهم حولوا الدين الى دكاكين
عدد الردود 0
بواسطة:
ali hussin
دكاكين
لاحظ انهم حولوا الدين الى دكاكين
عدد الردود 0
بواسطة:
ملتزم مؤدب
الإسلام السياسى على نهج أقباط المهجر
عدد الردود 0
بواسطة:
حمادة بالجنزبيل
يا رقم 5 بلاش رمي بالباطل
عدد الردود 0
بواسطة:
sabry
كل مرة اقرالك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى ومصرى جداً كمان
الى السلفى المؤدب صاحب التعليق رقم ٢
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
هذا هو المقال
مقال رائع وليتعلم منه من يريد إعلام الشعب بالحقائق