فى الوقت الذى كان الرئيس مرسى يصافح أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور فى القصر الرئاسى، كان الزحف يتجه إلى المحكمة الدستورية لمحاصرتها حتى لا تعقد جلستها أمس للحكم فى دعوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، انصرف أعضاء التأسيسية بعد أن أنجزوا دستورهم، بينما سهر الذين حاصروا المحكمة حتى الصباح، واستهلوا يومهم أمس بهتافات: «أعطنا الإشارة نجيبهم لك فى شكارة»، ليعرف العالم من خلال هذا الهتاف كم هى مصر الآن، وكيف يريدها هؤلاء؟، وكيف يدور الوضع أمام الرئيس دون أن يهتز له جفن، ودون أى اهتمام بتوفير الحماية الأمنية للمحكمة؟.
دعك من احتمالات أن تحكم المحكمة بعدم دستورية قانون مجلس الشورى وحل الجمعية التأسيسية، فهذه المحكمة هى التى حكمت أثناء حكم مبارك بحتمية الإشراف القضائى على الانتخابات، وهو الحكم الذى أدى بعدها إلى نجاح عشرات من نواب الإخوان، كما أن مجلس الشورى لن يبكيه المصريون فى حال حله، إنما الأصل فى الموضوع، هو الرغبة فى كسر إرادة القضاء لتطويعه كيفما تريد السلطة السياسية.
استمع إلى الهتاف الموجه للرئيس مرسى: «أعطنا الإشارة نجيبهم لك فى شكارة»، ووسع دائرة نظرك لتعرف أن هذا التهديد موجه إلى كل الذى يقول «لا» فى وجه من يقول «نعم».
استمع إلى الهتاف، وانظر إلى حصار المحكمة، واسأل أسماء زينت السكة له بعيشها فى كنف السلطة الآن، رغم أنها صدعتنا من قبل بوهم خلافها مع جماعة الإخوان، ولما خرجت من الجماعة أسست حزباً يفقد تمايزه يوماً بعد يوم.
استمع إلى الهتاف وانظر إلى الحصار، واستدعى أسماء من قلب القضاء نفسه، مثل المستشار زكريا عبدالعزيز، واسأله: «ما رأيك أيها القاضى؟، وأنت الذى كنت تصول وتجول أثناء حكم مبارك من أجل حماية القضاء والقضاة؟، ما هى مشاعرك وأنت ترى المشهد؟.
استمع إلى الهتاف، واستدعى اسم المستشار أحمد مكى وشقيقه محمود مكى، واسألهما، هل نسيتم يوم أن هتفنا أثناء حكم مبارك: «يا قضاة يا قضاة خلصونا من الطغاة»؟.
استمع إلى الهتاف وانظر إلى حصار المحكمة الدستورية، لتعرف أن المقصود والمطلوب هو «قضاء على المقاس» تحت زعم تطهير القضاء.