ما يحدث فى مصر من تصعيد وتصاعد وتطوير للأحداث يدعو للأسف، وما كنا نتخيل أن تمتد المليونيات إلى هذا الوقت الذى قارب العامين منذ يوم ثورة 25 يناير 2011.. كنت أظن أن الحوار فى الإعلام أو الصحف هو البديل الشرعى للتظاهرات، ولا أزال أتمنى ذلك، خاصة أن أحدا لا يمنع هذا الحوار، بل الكل يشجعه وصولا إلى رئيس الدولة الذى يرحب بالرأى الآخر ولا يضع العراقيل أمام أحد، ويرى أن الدولة لن ترتقى إلا بالرأى والرأى الآخر، كمثل أى شىء لا يتطور إلا بالحوار، ولكن المؤلم أن هناك بعض المآزق السياسية لا تحل إلا أعقبتها كل الشروط والقيود وتحللت من تلك الأسلاك الشائكة التى تحاصرها.. وهذا ما يحدث فى ميدان التحرير منذ ما يقرب من أسبوع من تظاهر لقوى وطنية شريفة لها رأى مخالف للإعلان الدستورى وهى تشترط أن يتم إلغاء الإعلان الدستورى أولا شرطا أساسيا للحوار مع الرئيس الدكتور محمد مرسى.. وأنا أعتقد أن هذه الشروط والفروض والعراقيل ما هى إلا حواجز جديدة فى طريق الوصول إلى التسوية الحقيقية الكاملة التى يمكن بها أن نصل إلى حل صحيح.. ولكن حدث ما حدث وأحسسنا أننا دخلنا فى نفق مظلم.. فليس أمامنا سوى أن نشكل مجموعة من قوى وطنية شامخة سابقة السمعة الطيبة وحاضرة فى ذهن الجماهير هى التى يمكن أن نطلق عليها جماعة الحكماء أو لجنة الحكماء، من شأنها مسح أحزان هذا الوطن وإخماد الحرائق المتواصلة التى تهدد كل شىء بدءا بالأمن وسلامة المواطن والوطن وصولا إلى كارثة الاقتصاد وتدمير وتدنى البورصة.. الأمر خطير وأخطر مما يتخيل أحد والحصاد عقيم وأبشع من أن ننتظر ليتفاقم الوضع ولا نصل عندها إلى شىء، أرى أن لدينا من الحكماء من يمكنهم أن يحلوا أقصى الأزمات تعقيدا، لدى مصر ميراث من الحكمة والإرادة كبير وعلينا أن نستثمره فى أوقات الأزمات، لدينا أسماء مهمة نحن فى حاجة إلى مشاركتها فى المشهد الدائر ليل نهار.. من حق الوطن أن يمد يد العون إلى أبنائه لينشلهم من الغرق عن طريق رفاقهم، حتى لا يغرق الوطن كله، لا قدر الله.. وفى مصر لدينا أسماء كبيرة مهمة أراها تتسيد الصورة الوطنية القومية، أتخيل أن تتكون لجنة الحكماء من الدكتور على السمان، وهو على قدر من الحكمة والثقة فى الوطن والتاريخ ورفعة القضايا المصرية أمام العالم أجمع، وهو أحد الثقافات فى تقريب الحضارات وتقريب حوار الأديان، ولست أنا الذى أتحدث عن «السمان» وهو أستاذى وهو من القلائل الذين يمتلكون القدرة على الحكى والإقناع، غارسا عقله فى عمق التاريخ والحضارة.. ثم لدينا الإعلامى الأديب عماد الدين أديب، وهو حكاء ذو مرجعية عميقة من البحث والخبرات ولديه القدرة على تحليل الأمور بهدوء وتأن.. ولدينا أديبنا الكبير بهاء طاهر وهو من الأسماء الكبيرة القريبة إلى المواطن المصرى بقلبه وتواضعه، ولدينا الدكتور سمير مرقص وله دراسات كبيرة وكتب عديدة فى المواطنة وحوار الحضارات وهو من القلائل الذين تعمقوا فى الشأن المصرى بوضوح وبساطة، ولدينا الدكتور محمد سليم العوا وهو من الضاربين فى أعماق الحكمة والموروث المصرى، ولدينا الدكتور مصطفى الفقى، وكانت رسالة الدكتوراه عنده عن الوطن والمواطنة من خلال شخصية مكرم عبيد الزعيم والمناضل، ولدينا الداعية الإسلامى الكبير الدكتور أحمد عمر هاشم وحسبى أن أقدمه فلا أعرف من أين أبدأ.. وغير هذه الأسماء كثيرون فى أرض الوطن يضيئون سماءه باليقين، الذى هو من عند الله سبحانه وتعالى.. نحن فى مأزق مصرى كبير وعلينا أن نتجاوزه وعلينا أن نرصد المقررات التى تعرقلنا وعلينا أيضا أن نعرف كيف ننجو من هذا الفخ، الذى قد يكون منصوبا لدينا من أعداء مجهولى النسب، وأعدائنا من الخارج.. فليس لدينا فى مصر أعداء.. ولكن للثورة أعداء فى كل زمان ومكان.. والله أعلم!!