إلى هؤلاء الذين خطوا بأقلامهم بلاغات متهافتة وساقطة، تتهم رموزا وقامات فى تاريخ الوطنية المصرية بالخيانة والسعى لقلب نظام الحكم، أقول:
كان حمدين صباحى الذى شملته تلك البلاغات يناضل من أجل وطن يسوده العدل والحرية وحقوق الفقراء، وكان نصيبه من ذلك السجن والمطاردة منذ عهد السادات وطوال 30 عاما هى عمر نظام مبارك، وكان الدكتور محمد البرادعى ضميرا لثورة 25 يناير مهما انتقده البعض، ومهما حاولوا التقليل من دوره فيها، ومهما طمسوا نداءاته الصحيحة للثورة، ومواقفه الصلبة التى لم تعرف الحلول الوسط مع نظام مبارك التى بحث عنها آخرون، لإطفاء شعلة الثورة بعد أن توهجت يوم 25 يناير وحتى تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011، كان الباحثون عن حلول وسط يفعلون فعلتهم مع اللواء عمر سليمان بعد أن أصبح نائبا لمبارك، بينما يقف حمدين والبرادعى فى مقدمة صفوف الثوار، يرفضان مع الرافضين أى تفاوض.
كان حمدين صباحى يدخل المعتقلات لأنه يجوب شوارع مصر وقراها مبشرا بالثورة ضد الظلم، وأن مصر لا يمكن توريثها لجمال مبارك، فى الوقت الذى كان فيه آخرون يتفاوضون سرا من أجل مكاسب بالية، تؤجل نار غضب المصريين وثورتهم من أجل نيل حقوقهم المهدرة.
فى مسيرة نضال حمدين صباحى كانت التهمة الجاهزة ضده من أجهزة مبارك وقبلها أجهزة السادات هى «السعى لقلب نظام الحكم»، وكان هدف تلك الاتهامات هو تشويه مسيرته النضالية الناصعة، لكن الشعب المصرى لم تخدعه تلك الأكاذيب والمهاترات الفارغة، فمنح أصواته حمدين مرتين ليكون نائبا فى البرلمان، ثم جاءت انتخابات الرئاسة ليكون فارسها بنحو خمسة ملايين صوت حلال.
كان ذلك حصيلة مسيرة صدق مع الشعب المصرى، لم يتلون فيها حمدين، ولم يزغلل ذهب المعز عينيه، الذى كان بمقدوره أن يحصل عليه بإشارة منه لسلطة مبارك، لكن ذهب المعز الذى يبحث عنه حمدين هو محبة الشعب المصرى، وتلك هى جائزته الكبرى التى يحصل عليها.
يجهل الذين كتبوا بلاغاتهم الساقطة ومن يقف وراءهم مشجعا ومساندا أن تاريخ مصر ملىء بمثل هذه الأفعال التافهة، وكان نصيبها سلة المهملات، رغم تحريك الجهات المعنية للتحقيق فيها.
سبق أن وجه البعض مثل هذه الاتهامات لقامات وطنية راحلة مثل فتحى رضوان، وإبراهيم شكرى وفؤاد سراج الدين، وحالية مثل خالد محيى الدين، وبقى هؤلاء رموزا وطنية، بينما طوى النسيان تلك الاتهامات وأصحابها ومحركيها.