نحن بدون شك مع دعوة الرئيس مرسى إلى ضرورة العمل والإنتاج لحماية الاقتصاد المصرى من التدهور والانهيار، ومع دعوته لاتفاق جميع القوى السياسية على ضرورة العمل معا لبناء مستقبل مصر السياسى، وكذلك مع دعوة رئيس الوزراء إلى ضرورة حل المشاكل المتراكمة وأخذ قرارات حقيقية لدفع عجلة الإنتاج لتحقيق النهضة الاقتصادية والتنمية المرجوة، ومع مبادرته للتنمية الاقتصادية ودعوته لكل رجال الأعمال والاقتصاد لمضاعفة الجهد، لأن خيارات البلاد، حسب قوله، لتقليل عجز الموازنة محدودة، بعد الأحداث الأخيرة التى أدت إلى انقسام سياسى حاد، وتشاؤم شعبى تجاه المستقبل.
لكننا ومع هذه الدعوات الإيجابية نجد أنه من الضرورى تذكير الرئيس ورئيس الوزراء، بعدة ملاحظات، ربما تسهم ولو بقدر طفيف فى تحقيق ما يأملانه للبلاد من تقدم، وأولها أنهما وهما رأس السلطة التنفيذية، ليس المطلوب منهما دعوات حماسية للمواطنين ورجال الاقتصاد، بقدر مسؤوليتهما عن صناعة مناخ سياسى واقتصادى صالح للحوار الإيجابى واستنفار الطاقات، ووضع خطط وبرامج للتنمية قابلة للتحقيق على الأرض وفق الظروف الراهنة مع وضوح الرؤية للمستقبل، فماذا تحقق من ذلك؟
أولا: مازال الخطاب السياسى العام شعاريا فى مجمله، محلقا فى العموميات وبعيدا عن الواقع وتعقيداته وارتباكاته، كما أنه لا يسعى إلى تجاوز مرحلة الانقسام التى تسببت فيها القرارات الرئاسية الأخيرة بمبادرات حقيقية مقنعة، ودعونا نتكلم بصراحة، أين مبادرات الحوار الوطنى من أقطاب المعارضة الحقيقية فى مصر، ما موقفها من البرادعى وصباحى وموسى؟ وما موقف هذه القيادات ذات التأثير منها؟
ثانيا: الخطاب الرئاسى وكذلك خطاب رئاسة الوزراء، يقع كلاهما فى الخطأ الفادح الذى وقع فيه نظام مبارك، وهو تصور إمكانية فصل الاقتصاد عن المناخ السياسى والتشريعى للبلاد، وهو ما أدى خلال عهد مبارك إلى طفرة وهمية فى الاقتصاد بفعل سياسة بيع الأصول، وسرعان ما تراجعت بفعل غياب البيئة السياسية الملائمة، وفى الوقت الراهن، نتصور أننا قادرون على دفن رؤوسنا فى الرمال وتحدى العالم الذى يعرف كل تعقيدات الصورة عندنا بمجرد قولنا «لن نركع»، أو «كل شىء تمام ومصر لن تفلس أبدا»، بينما الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى واليابان تربط مساعدتها وعودة استثماراتها بحلحلة الوضع السياسى فى البلاد.
ثالثا: على المستوى الداخلى هناك ارتباك مصرفى كبير، وقرارات اقتصادية متضاربة لوقف نزيف الاحتياطى النقدى وجذب الاستثمارات والمنح والحصول على القروض، دون نجاح يذكر، لأن رأس السلطة التنفيذية تصر على فصل المسار السياسى والتشريعى عن الاقتصاد، وتتصور إمكانية نجاحها فى تمرير قراراتها التى قسمت الشعب دون خسائر.