د. بليغ حمدى

الفَرْخَةُ باضِت والطَّبْخَةُ باظِت

الجمعة، 07 ديسمبر 2012 10:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غير معترف تماماً باستخدام الألفاظ العامية الدارجة فى الكتابة الصحفية لاسيما وأننى على يقين بأن استخدامها يعد نوعاً من الابتذال اللغوى الذى لا يليق بكاتب المقال ولا بالقارئ المجتهد، لكن الضرورة السياسية التى تفرض علينا تجاوز قواعد اللياقة اللغوية وننجرف نحو الهاوية السحيقة لمتابعة هؤلاء الذين يقوضون أعمدة الوطن ويعمدون جاهدين إلى تحويله مؤسسة خاصة غير تابعة للشعب.

هذه التقدمة هى قرينة غير قانونية لتبرير العنوان لأن المحاكم بانتظار العمل وعودة القضاة الشرفاء رغم أنف الحاقدين والمقايضين بمقدرات ومكتسبات الدولة والثورة معاً، ولكن هى قرينة لغوية ألجأ إليها على استحياء لتوصيف ما طالعته بعينى وصدق العقل عليه عن مجموعة من الأوراق المسماه مجازاً الدستور، والعنوان وإن كان سافراً وصارخاً فهو قد لا يعبر عن جميع مواد الدستور الإخوانى والسلفى والشرعى والشعبى المهم أنه ليس ليبرالياً أو مدنياً أو قبطياً أو علمانياً أو زمالكاوياً باعتبارى من مشجعى النادى.

فالدستور فى جملته به بعض النصوص القانونية التى لا يمكن وصفها ووسمها بالعوار الدستورى وربما هذه المواد هى التى وافق عليها كل من سلف وخلف من هؤلاء المتهمين أمام محكمة الشريعة والشرعية التى هدموا تاريخ جامعة القاهرة وكفاحها العلمى بوقوفهم واحتلالهم بوابة الجامعة التى ازدانت يوماً بقامات فكرية وثقافية أنارت الوطن والأوطان العربية والإسلامية كأحمد لطفى السيد وطه حسين الكافر والفاجر والضال والمضلل فى نظر من أقام كرنفال الشريعة والشرعية باعتبار أن غير المشاركين لا شرعيين ولا يسيرون على هدى الشريعة وكأنهم بذلك أعادونا إلى أزمان الهرطقة ومحاكم التفتيش.

نعم الفرخة استطاعت أن تبيض لنا بيضة، ونموذج الفرخة فى التشبيه وأنا من متخصصى اللغة لا يعد استهزاءً أو سخرية والعهدة على البلاغيين القدماء بدليل لو اعتبرنا تشبيه المؤسسة التى أفرخت لنا الدستور بالفرخة باطلاً ومدعاة للسخرية من أعضاء اللجنة معاذ الله لأن الله أكرمهم بالبشرية والإنسانية وأعلى قدرهم مكانة وقوة وبطشاً بأعراف القانون، لاعتبرنا شاعرنا العربى القديم مضلاً حينما شبه امرأته بهذا البيت الشعرى: هى الظبى جيداً والغزالة مقلة.. وروض الربا عرفاً وغصن النقا قداً، ولو كان التشبيه محل استهزاء لاستطاعت امرأته تلك أن تذهب لأى محكمة غير معطلة أو محاصرة من أصحاب الجلابيب البيضاء الذين ينفذون تعليمات شيوخهم الذين يفكرون أفضل منهم ويعقلون أكثر منهم ويدبرون أحسن منهم ويخططون أفجر منهم، ولرفعت قضية تشهير وسب وقذف من رجلها.

لكن الذى يهمنا أن الفرخة باضت والحمد لله، والبيضة كبيرة جداً لدرجة أن كثيراً من الرجال لم يستطيعوا حملها فاكتفوا بالانسحاب من مشاركة رفع هذه البيضة الكبيرة العجيبة ولكن لحكمة الأقدار أن هناك بعضاً من الرجال رغم عدم أهليتهم للحمل والرفع وأعباء الشيل نظراً لصغر سنهم وعدم حصولهم على درجات علمية بعد الليسانس الضعيف لولا تمتعهم بلحية وصوت عال وجلباب أبيض نظيف بالإضافة إلى كارنيه لطيف خفيف يضمن عضويتهم بأحد الأحزاب التى أتت على الوطن من كل فج محظور.

وكم هو محزن حقاً أن أرى الفقيه الدستورى الرائع والماتع الدكتور محمد سليم العوا الذى تفخر به مصر لقامته ومكانته كمفكر إسلامى أيضاً يضع دستور البلاد والعباد بجوار البعض من غير المؤهلين علمياً أو أكاديمياً ولا يعرفون الفرق بين القرينة القانونية وسياق الحكم الدستورى، بل أكاد أقسم أنهم لا يفقهون إلى طبيعة الفوارق القانونية والاختصاصات بين محكمة الاستئناف والنقض والدستورية العليا اللهم سوى أن النقض كان يعمل بها المستشار المحترم منصور والأخير تعمل بها المستشارة تهانى الجبالى وكلاهما مطلوبان لدى هؤلاء الذين لا يفرقون بين الاستفتاء العام والطرح الشعبى للقوانين أو المراسيم بقوانين.

لقد خرجت مجدداً يوم الجمعة الماضية تاركاً زوجتى وابنى الصغير باسل ونزلت مع أصدقائى فى تظاهرة لرفض الإعلان الدستورى واللجنة الدستورية والدستور نفسه معلناً أن الطبخة السياسية تلك إن لم تكن فاسدة فهى ليست صالحة للاستخدام والاستعمال، وكم كنت أتمنى أن يشير بعض فقهائنا القانونيين مثل الدكتور المحترم محمد سليم العوا وخبير الدساتير الدكتور حامد حسان على بعض المهرولين لصياغة دستور مصر الثورة لقراءة دستور 1971م.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة